تقرير: سمر أبو الدهب
أعلنت مصر مؤخرًا عن توجهها نحو إنهاء الاعتماد المستقبلي على برامج صندوق النقد الدولي بعد انتهاء البرنامج الحالي في عام 2026، ويهدف هذا التوجه إلى تعزيز السيادة الاقتصادية للبلاد، وتنويع مصادر التمويل، والاعتماد بشكل أكبر على القدرات الذاتية والاستثمارات المحلية.
ويتطلب تحقيق هذا الهدف الطموح التعامل مع تحديات اقتصادية كبيرة، واستكشاف بدائل تمويلية جديدة، وتعزيز الشراكات الدولية.
التحديات الاقتصادية الرئيسية
وفي هذا الصدد، قال الدكتور أحمد سمير، الخبير الاقتصادي، في تصريح خاص لـ«بلد نيوز»، أنه لضمان عدم الحاجة المستقبلية لبرامج صندوق النقد الدولي، يجب على مصر مواجهة مجموعة من التحديات الاقتصادية الهيكلية، ويأتي في مقدمة هذه التحديات ضرورة خفض الدين العام وعجز الموازنة، حيث إن استمرار مستوياتهما المرتفعة يزيد من الضغط على الاقتصاد ويجعل البلاد عرضة للصدمات الخارجية.
وأكد سمير، أن تحسين مناخ الاستثمار يمثل تحديًا كبيرًا، ويتطلب إصلاحات جذرية لتبسيط الإجراءات البيروقراطية، وتوفير بيئة قانونية وتشريعية أكثر جاذبية للقطاع الخاص المحلي والأجنبي.
وأكد أنه يجب على مصر التركيز على زيادة الصادرات وتنويعها للحد من العجز في الميزان التجاري، مما يعزز احتياطي النقد الأجنبي ويقلل من الحاجة إلى التمويل الخارجي، حيث إن معالجة هذه التحديات بشكل فعال ستضع الاقتصاد المصري على مسار نمو مستدام وقوي.
نرشح لك: مصر وصندوق النقد الدولي| تاريخ من الاقتراض والتأثير.. وخبير يُطالب بإيجاد بدائل لتمويل الاقتصاد
بدائل التمويل المتاحة
وتابع الخبير الاقتصادي، أن مصر تستطيع استكشاف بدائل تمويلية متنوعة، من أبرزها الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي لا تضيف أعباءً على الدين العام وتوفر فرص عمل وتكنولوجيا، كما يمكن لمصر أيضًا الاعتماد على سوق السندات الدولية، سواء كانت سندات تقليدية أو خضراء، لجذب رؤوس أموال بأسعار فائدة تنافسية.
وأشار إلى أن صناديق الاستثمار السيادية العربية تمثل مصدرًا هامًا للتمويل، خاصة في المشروعات الكبرى التي تتطلب رؤوس أموال ضخمة، بالإضافة إلى ذلك، يمكن لمصر تعزيز الشراكات مع البنوك الدولية للتنمية مثل البنك الدولي وبنك التنمية الإفريقي، والتي تقدم قروضًا ميسرة للمشروعات التنموية.
ولفت إلى أن تنويع مصادر التمويل سيقلل من مخاطر الاعتماد على مصدر واحد ويعزز المرونة المالية للبلاد.
دور الشراكات الدولية الثنائية
وأشار إلى أن الشراكات الدولية الثنائية، خاصة مع دول الخليج والاتحاد الأوروبي، تلعب دورًا حيويًا في توفير التمويل اللازم لمصر، حيث تتميز هذه الشراكات بأنها قد تكون أكثر مرونة من برامج صندوق النقد الدولي، إذ أنها غالبًا ما تركز على مشروعات محددة أو قطاعات معينة دون فرض شروط واسعة النطاق تتعلق بالسياسات المالية والنقدية.
اقرأ أيضًا: بعد إعلان «المالية».. خبير يكشف لـ«بلد نيوز» تأثير «موازنة المواطن 2025/2026» على الاقتصاد والمواطنين
وتابع أنه يمكن أن تأخذ هذه الشراكات أشكالًا متعددة مثل الودائع المصرفية، والاستثمار المباشر في الأصول، أو الدعم الفني للمشروعات، كما يمكن أن تسهم الشراكة مع دول الخليج في تمويل مشروعات البنية التحتية والطاقة، بينما يمكن للشراكة مع الاتحاد الأوروبي أن تركز على قطاعات مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا.
وأكد أن تعزيز هذه الشراكات سيوفر لمصر شبكة أمان مالية قوية، ويقلل من الحاجة إلى البحث عن قروض بشروط قد لا تتوافق تمامًا مع أهدافها الوطنية.
علاوة على ذلك، يجب على مصر تعزيز قدراتها في الابتكار والتكنولوجيا لتعزيز النمو الاقتصادي، حيث يمكن أن تلعب التكنولوجيا دورًا محوريًا في زيادة الإنتاجية وتحسين الخدمات.
كما أن التركيز على التعليم والتدريب المهني يمكن أن يسهم في إعداد جيل جديد من الكوادر القادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية المستقبلية.