بيليه يودّع إيطاليا.. ذكرى آخر ظهور للأسطورة على الملعب الأولمبي

13 سبتمبر 1975، تاريخ محفور في ذاكرة كرة القدم الإيطالية والعالمية. في تلك الأمسية، احتشد أكثر من ستين ألف متفرج في مدرجات ملعب الأولمبيكو بالعاصمة الإيطالية لمتابعة مباراة ودية بين روما وفريق نيويورك كوزموس الأميركي، لكنها تحوّلت إلى ليلة أسطورية، إذ شهدت آخر ظهور رسمي في إيطاليا لأسطورة كرة القدم إدسون أرانتيس دو ناسيمنتو، المعروف بـ”بيليه”.

البرازيلي بيليه.

الجماهير تترك كل شيء لأجل بيليه

من المكاتب والمصانع، ومن أزقة روما العتيقة وضواحيها الحديثة، تدفقت الجموع نحو فورو إيطاليكو، بالسيارات والدراجات النارية والهوائية، بالمترو والحافلات، وحتى سيرًا على الأقدام، كان هدف الجميع واحدًا، مشاهدة بيليه وهو يلمس الكرة في إيطاليا للمرة الأخيرة، لم يكن اللقاء مجرد مباراة، بل كان حدثًا تاريخيًا يلامس العاطفة قبل الرياضة.

بيليه… نمر بطيء لكنه أسطورة لا تغيب

كان “الجوهرة السوداء” قد بلغ الخامسة والثلاثين من عمره، يحمل على كتفيه إرث عشرين عامًا من الإبداع الكروي. بدا تحركه في الملعب أقل سرعة مما عرفه العالم في مونديالات 1958 و1962 و1970، لكنه ظل مشعًا بوهجه الخاص، كل لمسة له كانت كافية لإشعال المدرجات، وكل تمريرة تحمل توقيع التاريخ.

روما وكوزموس… مباراة ودية بطابع أسطوري

رغم أن المباراة لم تكن سوى ودية، إلا أنها طغت على كل الأخبار الرياضية في إيطاليا وقتها، لم يهتم الجمهور كثيرًا بالنتيجة، بقدر ما انشغل بمتابعة خطوات الأسطورة البرازيلية، الذي كان يعيش أيامه الأخيرة كلاعب محترف، لقد تحولت الأمسية إلى وداع عاطفي، لم يدرك كثيرون حينها أنهم شهود على اللحظة الأخيرة لبيليه في الملاعب الإيطالية.

الجوهرة السمراء بيليه.

إرث لا يزول

بعد خمسين عامًا على تلك الليلة، ما زال عشاق كرة القدم في روما يتذكرون كيف حظوا بامتياز نادر، رؤية بيليه على أرضية الأولمبيكو، لم يكن مجرد لاعب، بل أيقونة جمعت بين الموهبة والسحر والإنسانية، ومع أن مسيرته ختمت في الولايات المتحدة، إلا أن مروره الأخير من بوابة إيطاليا منح الكرة هناك ذكرى خالدة.

لا تزال تلك اللحظات حية في ذاكرة الجماهير، حيث كانت كل لمسة من بيليه تعكس سحرًا خاصًا لا يُنسى. إن تأثيره على كرة القدم لا يقتصر على الإنجازات فحسب، بل يتعدى ذلك إلى الروح الرياضية التي نشرها في كل مكان. كلما تذكرنا تلك الأمسية، نتذكر كيف أن كرة القدم تتجاوز حدود الملعب لتصبح تجربة إنسانية فريدة.

ستظل قصة بيليه تتردد في الأذهان، فهو ليس فقط رمزًا للنجاح الرياضي، بل هو مثال للإنسانية والتواضع. ستبقى ذكرياته حاضرة في قلوب عشاق اللعبة، وستستمر في إلهام الأجيال القادمة لتحقيق أحلامهم في عالم كرة القدم.