مصر وصندوق النقد الدولي| تاريخ الاقتراض والتأثير وخبير يُطالب بإيجاد بدائل لتمويل الاقتصاد
تقرير: سمر أبو الدهب
على مدار العقود الماضية، شهدت العلاقة بين مصر وصندوق النقد الدولي العديد من التقلبات، حيث لجأت الحكومة المصرية مرارًا وتكرارًا إلى الصندوق للحصول على قروض لمواجهة التحديات الاقتصادية.
عادةً ما تأتي هذه القروض مصحوبة ببرامج إصلاح اقتصادي شاملة تهدف إلى تحقيق الاستقرار المالي والنقدي. كان أبرزها الاتفاقات التي تمت بعد ثورة يناير 2011، وتحديدًا في عام 2016 و2022، والتي شملت حزمة من الإصلاحات الهيكلية التي كان لها تأثيرات عميقة على الاقتصاد والمجتمع.
تأثير هذه القروض والبرامج على الاقتصاد المصري كان محل جدل واسع، من ناحية، يرى المؤيدون أنها ضرورية لدعم الاحتياطي النقدي الأجنبي، وتعزيز ثقة المستثمرين، وتحفيز النمو الاقتصادي، خاصة في ظل الأزمات المالية العالمية.
ومن ناحية أخرى، ينتقد المعارضون هذه القروض والبرامج، مشيرين إلى أن شروطها قد تكون قاسية وتؤدي إلى زيادة الأعباء على المواطنين.
نرشح لك: رئيس اقتصادية قناة السويس يبحث التعاون الثنائي والفرص الاستثمارية مع سفير بيرو
تتمثل هذه الشروط، التي غالبًا ما يُطلق عليها “وصفة الصندوق”، في عدة نقاط رئيسية:
تعويم سعر الصرف: يفرض الصندوق على الحكومات المرنة في سعر الصرف، مما يعني تخفيض قيمة العملة الوطنية
هذا الإجراء يهدف إلى جعل الصادرات أكثر تنافسية وجذب الاستثمارات الأجنبية، لكنه يؤدي في المقابل إلى ارتفاع تكلفة الواردات، مما ينعكس بشكل مباشر على أسعار السلع الأساسية ويزيد من الضغوط التضخمية على الطبقات محدودة الدخل.
خفض الدعم: يطالب الصندوق بتقليل الإنفاق الحكومي على الدعم، وخاصة دعم الوقود والكهرباء والسلع الغذائية
يرى الصندوق أن هذا الدعم يمثل عبئًا كبيرًا على الموازنة العامة، ولكن رفعه يؤدي إلى زيادة الأعباء المالية على الأسر، ويؤثر بشكل خاص على الفقراء.
الخصخصة: غالبًا ما يوصي الصندوق ببيع الأصول المملوكة للدولة للقطاع الخاص، بهدف زيادة الكفاءة وتحسين الأداء. وعلى الرغم من أن هذا الإجراء قد يساهم في جذب الاستثمارات، إلا أن منتقديه يرون أنه قد يؤدي إلى فقدان الدولة لسيطرتها على القطاعات الحيوية، كما قد يؤثر على العمالة
السياسات النقدية والمالية المتشددة: يطالب الصندوق بانتهاج سياسات نقدية تهدف إلى كبح التضخم، مثل رفع أسعار الفائدة
هذه السياسات قد تؤثر على النمو الاقتصادي، كما أن رفع الفائدة يزيد من تكلفة الاقتراض على القطاع الخاص.
اقرأ أيضًا: خطة الحكومة لإنهاء العلاقة مع صندوق النقد الدولي.. هل تنجح؟ خبير يوضح
النجاح يكمن في إيجاد بدائل مستدامة لتمويل الاقتصاد
أكد الخبير المصرفي محمد عبد العال، في منشور على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أن الأفضل لمصر هو السعي لتقليل اعتمادها على الاقتراض من صندوق النقد الدولي، ولكنه حذر من التوقف المفاجئ، مشيرًا إلى أن النجاح الحقيقي لا يكمن في مجرد التوقف، بل في إيجاد بدائل مستدامة لتمويل الاقتصاد.
تتطلب المرحلة المقبلة من الحكومة المصرية التركيز على تعزيز القطاعات الإنتاجية وزيادة الاستثمارات المحلية. كما يجب العمل على تحسين بيئة الأعمال لجذب المستثمرين الأجانب والمحليين.
إن تحقيق التوازن بين الإصلاحات الاقتصادية والحفاظ على استقرار المجتمع هو التحدي الأكبر الذي يواجه الحكومة في الوقت الراهن.