تراجع مؤشر أسعار المنتجين في أمريكا… هل يمهد الطريق لخفض الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي
في تطور اقتصادي بارز، كشفت بيانات وزارة العمل الأمريكية عن تراجع مؤشر أسعار المنتجين (PPI) لشهر أغسطس بنسبة 0.1% على أساس شهري، مقارنة بارتفاعات سابقة، فيما تباطأ معدل التضخم السنوي إلى 2.6% مقابل 3.3% في يوليو الماضي. كما هبط التضخم الأساسي (باستثناء أسعار الطاقة والغذاء) إلى 2.8% من 3.7%.
هذه الأرقام جاءت بمثابة مفاجأة للأسواق، حيث تشير إلى بداية انحسار الضغوط التضخمية عند مستوى الجملة، وهو ما يُعد مؤشرًا مبكرًا على احتمالية تراجع التضخم الاستهلاكي (CPI) خلال الفترة المقبلة.
ما وراء الأرقام: الخدمات تقود التراجع
أوضحت الخبيرة المالية هدى المنشاوي أن السبب الأبرز وراء التراجع هو انخفاض أسعار الخدمات، خاصة خدمات التجارة. وبيّنت أن هذا قد يكون نتيجة:
- امتصاص الشركات للتكاليف بدلاً من تمريرها للمستهلك
- أو ضغوط المنافسة التي تدفع إلى تخفيف الأسعار
وأضافت أن هذه المؤشرات إيجابية لكنها ذات حدين، إذ قد تعكس في الوقت ذاته تراجع قوة التسعير لدى الشركات.
موقف الاحتياطي الفيدرالي: بين التضخم والتوظيف
رغم أن البيانات تعزز من دعوات خفض أسعار الفائدة، إلا أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لا يزال يسير على “حبل مشدود” بين هدفه في استقرار الأسعار وحرصه على دعم التوظيف الذي ما زال قويًا نسبيًا.
وترى المنشاوي أن بعض أعضاء لجنة السياسة النقدية قد يترددون في تعديل المسار استنادًا إلى قراءة واحدة فقط، خاصة مع التذبذب الواضح في البيانات خلال الأشهر الماضية.
ما الذي ينتظره السوق؟
كل الأنظار تتجه الآن إلى:
- تقرير مؤشر أسعار المستهلك (CPI) المرتقب خلال أيام
- اجتماع الفيدرالي الأسبوع المقبل
وفي حال استمرار التباطؤ في التضخم، فمن المتوقع أن:
- تظهر تلميحات أوضح نحو خفض الفائدة
- تحصل الأصول الخطرة مثل الأسهم والمعادن والعملات الناشئة على دعم إضافي
- تتراجع عوائد السندات الأمريكية
لكن تبقى القاعدة الأساسية – بحسب المنشاوي – أن: “قراءة واحدة لا تصنع اتجاهاً، والفيدرالي لن يتحرك إلا إذا تأكد من استمرارية التراجع”
البعد السياسي في القرار
لم تغفل المنشاوي عن الإشارة إلى العامل السياسي، حيث يمارس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضغوطًا علنية على الفيدرالي لاعتماد سياسة نقدية أكثر تيسيرًا لدعم النمو قبل الانتخابات، وهو ما قد يضع البنك المركزي أمام خيارات صعبة بين الاستقلالية والاستجابة للضغوط.
خلصت المنشاوي إلى أن المستثمرين لا ينبغي أن يفرحوا مبكرًا ولا يصابوا بالإحباط، فالسوق يدخل الآن مرحلة “انتظار البيانات”، والتحركات الكبرى ستظهر عقب اجتماع الفيدرالي.
وطرحت سيناريوهين أساسيين:
- استمرار التباطؤ: فرص استثمارية في الأسهم والمعادن
- مفاجأة تضخمية: عودة قوية للدولار والسندات
في ختام هذه التحليلات، يجب على المستثمرين أن يبقوا على اطلاع دائم على التطورات الاقتصادية والبيانات الجديدة، حيث يمكن أن تؤثر بشكل كبير على قراراتهم الاستثمارية.
كما ينبغي أن يتفاعلوا بشكل إيجابي مع أي تغييرات في السوق وأن يكونوا مستعدين لاستغلال الفرص التي قد تظهر في الفترات المقبلة.