ذكرى ميلاد مريم فخر الدين «حسناء الشاشة» التي جمعت بين القسوة والنعومة وتركت إرثًا يتجاوز 200 فيلم

تحل اليوم 8 سبتمبر ذكرى ميلاد مريم فخر الدين الـ92، النجمة التي عُرفت بـ”حسناء الشاشة” وأصبحت أيقونة للسينما المصرية في الخمسينيات والستينيات، بجمالها الأوروبي الرقيق وموهبتها التي صنعت منها إحدى أهم بطلات السينما العربية.

ولدت في الفيوم عام 1933، ورحلت في نوفمبر 2014 بعد رحلة طويلة حافلة بالأعمال والمواقف التي ما زالت تروى حتى اليوم.

ذكرى ميلاد مريم فخر الدين ومسيرتها الفنية

ارتبط اسم ذكرى ميلاد مريم فخر الدين بتاريخ مميز في السينما المصرية، إذ بدأت مسيرتها بالصدفة في سن السابعة عشرة، عندما فازت بلقب “أجمل وجه” في مسابقة فرنسية عام 1950، ما فتح أمامها أبواب التمثيل.

تعاقدت مع المصور عبده نصر والمخرج أحمد بدرخان، لتظهر لأول مرة في فيلم ليلة غرام عام 1951، ومنه انطلقت لتصبح واحدة من أكثر الفنانات حضورًا على الشاشة.

طوال مسيرتها شاركت في نحو 240 فيلمًا، وهو رقم قياسي بين بطلات السينما، كما خاضت تجربة الإنتاج بـ9 أفلام، ومن أبرز أعمالها رد قلبي، الأيدي الناعمة، حكاية حب أمام عبد الحليم حافظ، وملاك وشيطان مع رشدي أباظة، قبل أن تنضج أدوارها في السبعينيات بأعمال مثل يا تحب يا تقب وقشر البندق.

مريم فخر الدين.

طفولة صارمة صنعت شخصية قوية

ولدت مريم لأب مصري يعمل مهندس ري وأم مجرية تُدعى “باولا”، كان والدها صارمًا ومسلمًا محافظًا، بينما كانت الأم مسيحية متدينة، وعاشا معًا متمسكين بدينهما، تلك التربية الصارمة جعلت مريم تعتمد على نفسها منذ الصغر.

تحكي في مذكراتها أن والدتها لم تكن تعطيها مصروفًا إلا إذا عملت في المنزل، فتقول: “ما كنتش باخد مصروف زي باقي زميلاتي، ولما طلبته قالتلي تعملي حاجة قصاده، فبقيت أكوي هدوم البيت وأخد فلوس”، هذا الجانب صنع منها شخصية قوية تعرف قيمة العمل، لكنه أيضًا جعلها تميل للعزلة والخجل في بدايات حياتها

بداية مريم فخر الدين مع الفن

دخولها عالم السينما كان بمحض الصدفة، بعد صورة فوتوغرافية في عيد ميلادها السابع عشر، لفت جمالها الأنظار بسرعة، فتم ترشيحها لمسابقة أجمل وجه في مجلة إيماج الفرنسية، وفازت باللقب، بعدها جاء عرض المخرج أحمد بدرخان، لتبدأ مشوارًا طويلاً مليئًا بالأدوار التي صنعت منها رمزًا للرومانسية على الشاشة.

والدها، رغم رفضه الأولي، وافق على دخولها المجال بشرط أن تقدم أدوارًا تليق بالأسرة، حتى أنه اشترط أن تظهر وهي تصلي في أول أفلامها ليلة غرام، كضمان لجدية التجربة.

مريم فخر الدين.

حسناء الشاشة ورمز الجمال

بملامحها الأوروبية وشعرها الأشقر وعينيها الملونتين، أصبحت مريم فخر الدين أيقونة للجمال، كانت مثالًا للفتاة الرومانسية الحالمة، لذلك لُقبت بـ”حسناء الشاشة”، غير أنها لم تكتفِ بدور البطلة الرقيقة، بل نجحت لاحقًا في أداء أدوار أكثر عمقًا وقوة، لتثبت أنها ليست مجرد وجه جميل بل ممثلة موهوبة.

مشوار مليء بالبطولات

قدمت مريم أدوار البطولة مع كبار نجوم عصرها مثل عمر الشريف، شكري سرحان، رشدي أباظة، وعبد الحليم حافظ، ومن بين أهم أفلامها:

رد قلبي (1957) الذي جسدت فيه شخصية الأميرة إنجي.

حكاية حب (1959) أمام العندليب عبد الحليم حافظ.

ملاك وشيطان (1960) أحد أهم كلاسيكيات السينما.

الأيدي الناعمة (1963) مع أحمد مظهر وصباح.

ولاحقًا، تميزت بأدوار الأم القوية في التسعينيات مثل قشر البندق والباطنية، لتترك بصمة جديدة لدى الأجيال.

مريم فخر الدين.

حياتها الشخصية وزيجاتها

تزوجت مريم فخر الدين 4 مرات، أولها من المخرج محمود ذو الفقار، الذي أنجبت منه ابنتها إيمان، ثم تزوجت من عدة شخصيات أخرى، لكن أغلب زيجاتها لم تدم طويلاً بسبب الخلافات، رغم ذلك، كانت حريصة دائمًا على عائلتها، خاصة شقيقها الفنان يوسف فخر الدين، الذي كان الأقرب إليها.

مواقف إنسانية وتحديات صحية

خلف الكاميرا، عاشت مريم حياة مليئة بالتحديات، مرت بمشاكل صحية عديدة، أبرزها ضعف السمع الذي استدعى جراحة خطيرة، كما عانت من الخوف الاجتماعي في بداياتها، وكانت تميل للعزلة، لكنها تخطت ذلك تدريجيًا بفضل نجاحها الفني.

عرفت أيضًا بمهارتها في الطهي والأعمال المنزلية، إذ ورثت من والدتها حبها للطبخ، وكانت تقول إن المطبخ مكان راحتها الحقيقية.

إسهاماتها في السينما

لم تكتفِ مريم بالتمثيل فقط، بل خاضت تجربة الإنتاج وقدمت 9 أفلام بجهودها الخاصة، محاولةً دعم الصناعة الفنية، قدرتها على التوازن بين الشكل الرومانسي والإبداع في اختيار أدوارها جعلتها مدرسة فنية يتعلم منها الجيل الجديد.

رحيل مريم فخر الدين وإرثها الخالد

رحلت مريم فخر الدين في 3 نوفمبر 2014 عن عمر 81 عامًا، بعد رحلة طويلة من العطاء الفني، بوفاتها، فقدت السينما المصرية واحدة من أبرز أيقوناتها، ومع حلول ذكرى ميلاد مريم فخر الدين اليوم، يستعيد محبوها إرثها الكبير الذي تجاوز 200 فيلم، ورحلة صنعت فيها اسمها بحروف من ذهب.

مريم فخر الدين.

نرشح لك: ذكرى ميلاد رجاء الجداوي.. بين الأناقة والفن وقصة زواج استثنائية من حارس المرمى
ذكرى ميلاد فؤاد المهندس.. مشوار ممتد من الطفولة إلى “عمو فؤاد” وحب لا ينتهي لشويكار

تبقى مريم فخر الدين واحدة من الأسماء اللامعة في تاريخ السينما، حيث تركت بصمة لا تُنسى في قلوب محبي الفن.

تتجلى عبقريتها في قدرتها على تجسيد المشاعر الإنسانية بصدق، مما جعلها محط إعجاب الجمهور والنقاد على حد سواء.