تقرير: سمر أبو الدهب
أقدمت الحكومة المصرية على رفع أسعار الأراضي المخصصة للنشاط الصناعي في عدد من المناطق التابعة لهيئتي المجتمعات العمرانية والتنمية الصناعية، وجاءت هذه الزيادة التي تراوحت بين 10% و200% في بعض المناطق على عدة مراحل، كان آخرها قرار أغسطس الجاري.
وقد بررت الحكومة هذه الزيادات بأنها ترتبط بتكلفة توصيل المرافق.
ويثير هذا القرار العديد من التساؤلات حول آثاره المحتملة على القطاع الصناعي والاقتصاد ككل، خاصة في ظل سعي الدولة لدعم التنمية الصناعية وجذب المزيد من الاستثمارات.
نرشح لك: البنك المركزي المصري يطرح أذون خزانة جديدة بقيمة 55 مليار جنيه
تأثير الزيادة على الاستثمار الصناعي
وفي هذا الإطار، أكد أحمد خلاف، الخبير الاقتصادي، في تصريح خاص لـ«بلد نيوز»، أن ارتفاع أسعار الأراضي يمثل عقبة رئيسية أمام المستثمرين الجدد، خاصة أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، حيث أن الأرض هي العنصر الأول في معادلة الاستثمار الصناعي، وارتفاع تكلفتها يؤدي بشكل مباشر إلى زيادة التكلفة الرأسمالية للمشروع، مما قد يجعل بعض المشروعات غير مجدية اقتصاديًا.
وأضاف خلاف، أنه في الوقت الذي تسعى فيه الدولة لتشجيع الصناعة المحلية، تأتي هذه الزيادات لتثقل كاهل المستثمرين بأعباء إضافية، مما قد يؤدي إلى تباطؤ في وتيرة الاستثمار الصناعي المرغوب، مضيفًا أن الزيادات المتكررة والمفاجئة في الأسعار تخلق حالة من عدم اليقين في السوق، مما يثني المستثمرين عن اتخاذ قرارات طويلة الأجل.
تأثير الزيادة على القدرة التنافسية للمنتجات المحلية
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن زيادة تكلفة الأرض لا تؤثر فقط على الاستثمار، بل تنعكس أيضًا على القدرة التنافسية للمنتجات المصرية في الأسواق المحلية والعالمية، إذ أنه عندما تزيد تكلفة الإنشاء، يقوم المصنع بتحميل هذه التكلفة على المنتج النهائي، مما يؤدي إلى ارتفاع سعر البيع.
وأوضح أن هذا الارتفاع يضع المنتج المحلي في موقف ضعيف أمام المنتجات المستوردة التي قد تكون أرخص، أو المنتجات من دول أخرى تقدم حوافز أفضل لمستثمريها، فبينما تسعى الحكومة لزيادة الصادرات، فإن ارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب عوامل مثل سعر الأرض قد يقلل من جاذبية منتجاتنا في الأسواق الدولية.
اقرأ أيضًا: ردًا على «المالية».. خبير اقتصادي لـ«بلد نيوز»: نمو الاقتصاد المصري 4.5% مقبول ولكنه ليس كافيًا لتحسين المعيشة
تأثير الزيادة على التنمية الإقليمية ومقارنة بالأسواق العالمية
وتناول الخبير الاقتصادي، أيضًا تأثير الزيادة على التنمية الإقليمية، خاصة في محافظات الصعيد التي شهدت قفزات كبيرة في أسعار الأراضي، قائلًا أن الزيادات الكبيرة التي تصل إلى 250% في بعض مناطق الصعيد قد تكون ذات تأثير سلبي على جهود الدولة في توجيه الاستثمار نحو هذه المناطق بهدف تحقيق تنمية متوازنة.
وأضاف أن تلك الزيادات ترفع حاجز الدخول أمام المستثمرين في المناطق التي هي في أمس الحاجة للاستثمارات لخلق فرص عمل جديدة.
وفي مقارنة بالأسواق العالمية، أوضح أن العديد من الدول التي تسعى لجذب الاستثمارات الصناعية تقدم حوافز كبيرة، منها أراضٍ بأسعار رمزية أو حتى مجانية، لتعويض تكلفة توصيل المرافق، وهو ما يجعل مصر أقل جاذبية للمستثمر الأجنبي مقارنة بهذه الدول.
ختامًا، يجب على الحكومة أن تعيد النظر في سياساتها المتعلقة بأسعار الأراضي لضمان بيئة استثمارية أكثر جذبًا.
يجب أن تكون هناك استراتيجيات واضحة لتخفيف الأعباء على المستثمرين مع توفير الدعم اللازم للنمو الصناعي والاقتصادي في البلاد.