خبير اقتصادي: انخفاض الدين الخارجي لمصر يعكس حالة التطور الاقتصادي

يشهد الاقتصاد المصري في الفترة الأخيرة حالة من التحسن التدريجي، مدفوعًا بعدة إصلاحات اقتصادية وإجراءات مالية تهدف إلى تخفيف الأعباء عن الموازنة العامة للدولة، وعلى رأسها انخفاض الدين الخارجي.

هذه الخطوة لا تقتصر على كونها مؤشرًا رقميًا فحسب، بل تعكس توجهًا استراتيجيًا لإدارة الدين بشكل أكثر كفاءة، مما يفتح آفاقًا أوسع لتعزيز الاستقرار المالي وتحفيز الاستثمارات.

انخفاض الدين الخارجي.

تصريحات الخبراء: رؤية اقتصادية متفائلة 

في تصريح خاص لموقع بلد نيوز، أكد سمير رؤوف الخبير الاقتصادي أن الارتفاع المتواصل في الاحتياطي النقدي يؤدي بطبيعة الحال إلى زيادة القدرة على سداد جزء من الديون الخارجية، مشيرًا إلى أن الأداء المالي المستقر هو العامل الأساسي وراء خفض الدين العام

وأوضح رؤوف أن استمرار الأداء الحالي مع تحسن قطاع التصنيع – خاصة الصناعات الغذائية – من شأنه أن يسرّع عملية تقليص الدين الخارجي.

وأضاف: “لو استهدفنا خفضًا بقيمة ملياري دولار سنويًا، يمكن مضاعفة الرقم ليصل إلى أربعة مليارات سنويًا، ما يعني تقليص نحو 40 مليار دولار في عشر سنوات، وربما 100 مليار في غضون سبع سنوات إذا استمرت الدولة في سياساتها الحالية”

وأشار الخبير إلى أن بعض المشروعات القومية، مثل مشروع رأس الحكمة، يمكن أن تسهم في توفير موارد جديدة عبر حقوق الانتفاع والاستثمارات المشتركة مع دول استراتيجية، وهو ما يعزز فرص تسريع وتيرة انخفاض الدين الخارجي.

انخفاض الدين الخارجي.

بيانات رسمية تكشف النتائج 

من جانبه، أعلن الدكتور أحمد كجوك، نائب وزير المالية للسياسات المالية، أن رصيد الدين الخارجي لأجهزة الموازنة انخفض بنحو 4 مليارات دولار خلال عامين، بينها مليار دولار خلال العام الماضي فقط، وهو ما يمثل تراجعًا بنسبة 10% إلى الناتج المحلي الإجمالي، ليستقر عند 85% بنهاية يونيو الماضي.

وأوضح كجوك، خلال المؤتمر الصحفي لوزارة المالية للإعلان عن نتائج العام المالي 2024-2025، أن الوزارة بصدد إطلاق استراتيجية الدين متوسط المدى قبل نهاية ديسمبر المقبل، وهي خطوة تهدف إلى تعزيز الشفافية وضمان استدامة مستويات الدين.

كما لفت إلى أنه تم تمديد متوسط عمر الدين من 1.2 عام في يونيو 2024 إلى 1.6 عام بنهاية العام المالي الماضي، مع الاستمرار في خفض الديون الخارجية الموجهة لتمويل الموازنة بمعدل يتراوح بين مليار وملياري دولار سنويًا.

اقرأ أيضًا.. الركود الاقتصادي.. الأسباب الرئيسية وكيفية التنبؤ به

أرقام تكشف حجم التحديات

بحسب بيانات وزارة المالية، بلغت نسبة خدمة الدين المحلي 64.3% من إجمالي الإيرادات، في حين شكّلت فوائد الدين المحلي 43.4% من إجمالي المصروفات.

كما سجلت فوائد الدين نحو 73% من إجمالي الإيرادات العامة خلال العام المالي الماضي لتصل إلى 1.92 تريليون جنيه، مقارنة بـ 1.36 تريليون جنيه في العام المالي 2023-2024.

أما الإيرادات العامة فقد حققت نموًا ملحوظًا لتصل إلى 2.63 تريليون جنيه، أي ما يمثل 15% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بنحو 2 تريليون جنيه في العام المالي السابق.

وعلى الرغم من ذلك، بلغ العجز الكلي للموازنة 1.290 تريليون جنيه، أي ما يعادل 7.4% من الناتج المحلي، متجاوزًا التقديرات الأولية التي كانت تستهدف 1.243 تريليون جنيه.

انخفاض الدين الخارجي.

دعم الطاقة والمشروعات القومية 

وأشار كجوك إلى أن وزارة المالية خصصت نحو 440 مليار جنيه للتعامل مع مشكلات الطاقة، وضمان انتظام إمدادات الكهرباء والمواد البترولية، إلى جانب سداد مستحقات الشركاء الأجانب.

هذا الإجراء ساهم في استقرار الأوضاع الإنتاجية وتوفير بيئة مواتية للمستثمرين.

كما تم تضمين نحو 94 مليار جنيه «ضمانات» لدعم قطاعات النقل والمشروعات الحيوية مثل تطوير السكك الحديدية والأنفاق، بما يعزز البنية التحتية ويساهم في تحفيز الاقتصاد على المدى الطويل.

نمو الإيرادات الضريبية رغم التحديات 

في سياق متصل، كشفت رشا عبدالعال، رئيس مصلحة الضرائب المصرية، أن الإيرادات الضريبية شهدت نموًا كبيرًا لتصل إلى 12.6% من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يعادل 2.2 تريليون جنيه، مقارنة بـ 11.7% خلال العام السابق.

وأرجعت عبدالعال هذا النمو إلى زيادة حصيلة الضريبة على الدخل بنسبة 35%، وضريبة القيمة المضافة بالنسبة نفسها، فضلًا عن زيادة 61% في الضريبة على السلع المستوردة، و65% على سلع الجدول.

الاستثمارات العامة.. تراجع مؤقت أم إعادة توجيه؟ 

كشفت وزارة المالية عن انخفاض الاستثمارات العامة بنسبة 23% لتصل إلى 382 مليار جنيه، مقارنة بمستهدفات قيمتها 496 مليار جنيه في موازنة العام الماضي.

ورغم أن هذا الانخفاض قد يبدو سلبيًا للوهلة الأولى، إلا أن خبير الاقتصاد يراه إعادة توجيه للموارد بما يتناسب مع أولويات المرحلة الحالية، وعلى رأسها خفض الدين الخارجي وتحقيق الاستقرار المالي.

مستقبل انخفاض الدين الخارجي 

يؤكد سمير رؤوف الخبير الاقتصادي أن انخفاض الدين الخارجي ليس هدفًا مرحليًا، بل يمثل توجهًا استراتيجيًا تسعى الدولة لترسيخه عبر إصلاحات شاملة تشمل:

  • تحسين الأداء الصناعي وزيادة الإنتاج المحلي
  • تعزيز الصادرات وخاصة في القطاعات الغذائية
  • استغلال الموارد القومية عبر مشروعات كبرى مثل رأس الحكمة
  • تطوير الإطار التنظيمي لإدارة الدين وتحسين بيئة الاستثمار

نرشح لك: خبيرة بأسواق المال لـ«بلد نيوز»: صفقات خليجية وتراجع استيراد القمح يعززان استقرار الاقتصاد المصري

ردًا على «المالية».. خبير اقتصادي لـ«بلد نيوز»: نمو الاقتصاد المصري 4.5% مقبول ولكنه ليس كافيًا لتحسين المعيشة

مع استمرار الجهود الحكومية، يتوقع العديد من الخبراء أن يشهد الاقتصاد المصري مزيدًا من التحسن في الفترة المقبلة، مما يساهم في خلق فرص عمل جديدة وتحسين مستوى المعيشة.

تسعى الحكومة إلى وضع استراتيجيات طويلة الأمد لضمان استدامة النمو الاقتصادي وتعزيز القدرة التنافسية للقطاع الخاص، مما يدعم رؤية مصر 2030.