تراجع إيرادات قناة السويس هذا العام بنسبة 145 مليار دولار اقتصادي يوضح السبب

تُعتبر إيرادات قناة السويس واحدة من أهم مصادر الدخل القومي لمصر، وتلعب دورًا محوريًا في تمويل الموازنة العامة للدولة، حيث تمثل القناة شريانًا استراتيجيًا للتجارة العالمية، يمر عبرها حوالي 12% من حركة التجارة الدولية.

على الرغم من ذلك، واجهت القناة خلال العام المالي 2024/2025 تحديات غير مسبوقة أثرت بشكل كبير على حجم العوائد المحققة، وذلك في ظل الأوضاع الأمنية المتوترة في منطقة البحر الأحمر وزيادة التهديدات المرتبطة بالحوثيين.

إيرادات قناة السويس.

تراجع حاد في إيرادات قناة السويس

أفاد الدكتور أحمد كجوك، وزير المالية، بأن إيرادات قناة السويس تكبدت خسائر تُقدّر بنحو 145 مليار جنيه خلال العام المالي المنتهي 2024/2025، نتيجة الأوضاع غير المستقرة في المنطقة، وهو ما انعكس على حركة السفن التي فضّلت طرقًا بديلة أكثر أمانًا رغم ارتفاع تكاليفها.

يأتي هذا التراجع في وقت حساس بالنسبة للاقتصاد المصري، الذي يعتمد على القناة كمصدر رئيسي للعملات الأجنبية.

بدائل تعويضية لتعزيز الإيرادات 

قال رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، في تصريح خاص لموقع بلد نيوز أنه رغم هذه الخسائر الكبيرة في إيرادات قناة السويس، نجحت الدولة في تعويض جزء من الفاقد من خلال تنمية مصادر أخرى للدخل.

أشار الخبير رشاد إلى أن قطاع السياحة حقق طفرة ملحوظة خلال الفترة من يناير حتى أغسطس 2025، حيث تجاوزت الإيرادات السياحية 12 مليار دولار، بفضل عودة النشاط السياحي وانتعاش حركة الطيران والفنادق بعد سنوات من التحديات.

كما أوضح عبده أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج شكلت دعمًا أساسيًا للاقتصاد المصري، إذ بلغت نحو 36 مليار دولار، مما ساعد على توفير سيولة نقدية أجنبية في ظل الضغوط العالمية.

إضافة إلى ذلك، بلغت حصيلة التصدير الغذائي نحو 4 مليارات دولار، بينما واصلت إيرادات قناة السويس نفسها تسجيل نحو 11 مليار دولار رغم التراجع الكبير، لتظل أحد أهم الركائز الاقتصادية.

قناة السويس.

الاستثمارات الأجنبية.. دعم استراتيجي

لم تقتصر محاولات الحكومة على تنويع مصادر الدخل فقط، بل ركزت أيضًا على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة.

كشفت البيانات الرسمية أن مصر استقبلت استثمارات مباشرة بقيمة 7.5 مليار دولار من قطر، ونحو 5 مليارات من الكويت، بينما بلغ حجم الاستثمارات غير المباشرة –خاصة في البورصة– حوالي 20 مليار دولار.

من المتوقع أن يتم الإعلان عن إجمالي الأرقام الرسمية في ديسمبر المقبل بالتزامن مع الموازنة الجديدة.

يشير الخبير الاقتصادي إلى أن الاستثمارات القادمة من السعودية والإمارات والاتحاد الأوروبي ستعزز مكانة مصر كوجهة استثمارية واعدة، خاصة مع الإصلاحات المالية والتشريعية التي اتخذتها الدولة مؤخرًا.

إقرأ أيضًا.. خبيرة بأسواق المال لـ«بلد نيوز»: صفقات خليجية وتراجع استيراد القمح يعززان استقرار الاقتصاد المصري

الضرائب تنمو دون أعباء إضافية 

من جانب آخر، أعلن وزير المالية أحمد كجوك عن ارتفاع الإيرادات الضريبية بنسبة 35% خلال العام المالي الماضي، لتسجل 2.2 تريليون جنيه، مؤكدًا أن ذلك تحقق دون فرض أي ضرائب جديدة أو تحميل المواطنين أعباء إضافية.

يعكس هذا النمو توسع القاعدة الضريبية، إذ سجل أكثر من 141 ألف ممول جديد في وحدة التجارة الإلكترونية بإيرادات بلغت 7.7 مليار جنيه، بزيادة 84%.

كما ارتفع عدد الممولين في ضريبة القيمة المضافة إلى 746.6 ألف ممول، بينما تجاوز عدد ممولي ضرائب الدخل 805 آلاف.

قناة السويس.

قناة السويس.. تحديات آنية وآفاق مستقبلية 

رغم التحديات التي أثرت على إيرادات قناة السويس، يؤكد محللون أن الأوضاع الراهنة ليست دائمة، فمن المتوقع أن تشهد المنطقة استقرارًا نسبيًا خلال الفترة المقبلة مع تصاعد الجهود الدولية لتأمين الممرات البحرية، مما يعيد الثقة لشركات الشحن العالمية ويدفعها إلى العودة لاستخدام القناة.

تواصل هيئة قناة السويس تنفيذ خطط تطوير البنية التحتية للمجرى الملاحي وتعميق بعض أجزاءه لاستيعاب الأجيال الأحدث من السفن العملاقة.

دلالات اقتصادية مهمة

يعكس التراجع في إيرادات قناة السويس أهمية تنويع الاقتصاد المصري وعدم الاعتماد على مصدر واحد للدخل، فقد أظهرت الأرقام أن القطاعات الأخرى مثل السياحة، التحويلات، الصادرات، والاستثمارات لعبت دورًا كبيرًا في تعويض العجز.

يمثل ارتفاع الإيرادات الضريبية مؤشرًا على توسع النشاط الاقتصادي وزيادة الالتزام من قبل الممولين.

نرشح لك: هل قيمة الفائض الأولي لمصر تنعكس على المواطن؟.. اقتصادي يكشف لـ«بلد نيوز»

ردًا على «المالية».. خبير اقتصادي لـ«بلد نيوز»: نمو الاقتصاد المصري 4.5% مقبول ولكنه ليس كافيًا لتحسين المعيشة

من المهم أن تستمر الجهود في تعزيز الاستثمارات وتطوير البنية التحتية لدعم النمو المستدام للاقتصاد المصري.

التعاون بين القطاعين العام والخاص يعد أحد العوامل الأساسية لتحقيق التنمية المنشودة ورفع مستوى المعيشة للمواطنين.