شهد العام المالي 2024/2025 تحقيق مصر لأعلى قيمة فائض أولي في تاريخ الموازنة العامة للدولة، حيث أعلن وزير المالية أحمد كجوك أن الفائض بلغ نحو 629 مليار جنيه، بما يعادل 3.6% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بفائض بلغ 350 مليار جنيه فقط في العام السابق.
وبذلك تسجل الموازنة معدل نمو يقارب 80%، وهو ما أثار نقاشًا واسعًا حول دلالات هذا الرقم، وكيفية توجيهه بما يخدم خطط التنمية ويحسن من حياة المواطن.
ما هو قيمة الفائض الأولي لمصر؟
الفائض الأولي يعني الفرق بين الإيرادات العامة للدولة والمصروفات العامة، بعد استبعاد فوائد الديون، بمعنى أوضح، إذا تمكنت الحكومة من تحقيق إيرادات تغطي النفقات الأساسية وتزيد عنها قبل حساب خدمة الدين، فإن هذا يعتبر فائضًا أوليًا.
وتكمن أهمية هذا المؤشر في أنه يعكس قدرة الدولة على إدارة مواردها بكفاءة، وتقليل اعتمادها على الاستدانة لتمويل إنفاقها، وهو ما يعد خطوة إيجابية نحو الاستقرار المالي.
تصريحات وزارة المالية حول قيمة الفائض الأولي لمصر سنة 2025
خلال مؤتمر صحفي لاستعراض نتائج الأداء المالي، أوضح أحمد كجوك أن الفائض تحقق رغم التحديات الصعبة التي واجهت الموازنة، ومنها:
تراجع إيرادات قناة السويس بنسبة 60% عن المستهدف، وهو ما كبد الدولة خسائر بلغت نحو 145 مليار جنيه.
تسوية عاجلة لمستحقات قطاع البترول وسداد جزء من التزامات قطاع الكهرباء، بما كلف الموازنة نحو 140 مليار جنيه إضافية.
ورغم هذه الضغوط، استطاعت الدولة تعزيز مواردها عبر:
- نمو الإيرادات الضريبية بنسبة 35% سنوياً، وهو أعلى معدل نمو منذ سنوات
- توسيع القاعدة الضريبية، وتنفيذ تسهيلات تشجع على دمج الاقتصاد غير الرسمي
- ضبط نمو المصروفات العامة، وعدم تجاوز المخصصات المالية إلا بتمويل ذاتي أو من الاحتياطيات
هل يعود الفائض الأولي لمصر علي المواطن بالنفع
في تصريح خاص لموقع بلد نيوز، أكد محمد النجار الخبير الاقتصادي أن قيمة الفائض الأولي لمصر سنة 2025 يمكن أن تحقق فائدة مباشرة للمواطن إذا تم استغلالها في مجالات أساسية مثل:
- تحسين خدمات التعليم والصحة، وهو ما يخفف الأعباء عن الأسر
- زيادة المرتبات والمعاشات، خاصة في ظل الضغوط التضخمية
- توجيه جزء منه للمشروعات القومية مثل شبكات الطرق والكباري والصرف الصحي، والتي تعزز النمو الاقتصادي وتوفر فرص عمل
لكن النجار حذر من أن الفائض ليس رقمًا ضخمًا مقارنة بحجم العجز المتوقع في الموازنة بنهاية العام.
وأشار إلى أنه إذا لم يتم توجيهه بشكل استراتيجي، فقد يُنظر إليه على أنه “حرمان للمواطن من بعض حقوقه”.
التوازن بين المشروعات القومية والاحتياجات اليومية
الفائض الأولي يتم دمجه عادة في إجمالي الموازنة العامة، ويتم توزيعه حسب أولويات الوزارات.
ويرى الخبير أن الحكومة مطالبة بتحقيق توازن بين:
- تمويل المشروعات القومية الكبرى التي تعزز البنية التحتية وتزيد الناتج المحلي الإجمالي
- تحسين الخدمات الأساسية التي يشعر بها المواطن بشكل مباشر، مثل المستشفيات والمدارس والدعم الاجتماعي
ففي الوقت الذي يرى فيه البعض أن إنفاق الفائض على الطرق والكباري يساهم في تحسين مناخ الاستثمار، يعتبر آخرون أن الأولوية يجب أن تكون لتخفيف الضغوط المعيشية اليومية على الأسر.
إقرأ أيضًا.. الركود الاقتصادي.. الأسباب الرئيسية وكيفية التنبؤ به
إنجاز اقتصادي رغم التحديات
تحقيق أعلى قيمة فائض أولي لمصر سنة 2025 يعد إنجازًا مهمًا في ظل الضغوط الاقتصادية العالمية، فالدولة تمكنت من الحفاظ على انضباط مالي في وقت عانت فيه اقتصادات أخرى من عجز متزايد.
ويُرى أن هذا يعزز ثقة المؤسسات الدولية في الاقتصاد المصري، ويدعم فرص جذب الاستثمارات الأجنبية.
كما يسهم في تحسين التصنيف الائتماني لمصر، وهو ما ينعكس إيجابًا على كلفة الاقتراض.
ماذا ينتظر المواطن من هذا الفائض؟
المواطن المصري ينتظر أن يترجم هذا الإنجاز المالي إلى تحسين ملموس في حياته اليومية، فالأرقام وحدها لا تكفي، ما لم يتم تحويلها إلى خدمات أفضل وفرص عمل جديدة.
ويتوقع محمد النجار أن يشهد العام المالي المقبل توجهًا أكبر نحو:
- دعم برامج الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجًا
- التوسع في مشروعات البنية التحتية التي توفر فرص عمل مباشرة
- زيادة مخصصات الصحة والتعليم لتحسين جودة الخدمات
نرشح لك: أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد.. استقرار داخل الأسواق المصرية
البنك المركزي يحدد حدود السحب اليومي من البنوك وماكينات ATM وإنستاباي
يتوجب على الحكومة أن تواصل العمل على تعزيز الشفافية في التعامل مع الفائض الأولي، مما يعزز الثقة بين المواطن والدولة.
المواطن يتطلع إلى رؤية نتائج ملموسة تعكس تحسن مستوى المعيشة، وهذا يتطلب استراتيجيات واضحة ومشاريع فعالة تخدم المجتمع.