تحلّ اليوم ذكرى ميلاد مصطفى متولي السادسة والسبعين، ذلك الفنان الذي ترك بصمة خاصة في السينما والمسرح والتليفزيون المصري، واستطاع بموهبته الفريدة أن يقدم أدوار الشر بأسلوب مختلف يجمع بين القوة والواقعية، حتى صار واحدًا من أبرز الوجوه التي لا تُنسى في تاريخ الدراما المصرية، ورغم رحيله المفاجئ في أغسطس عام 2000، لا تزال أعماله تُعرض ويتذكره جمهوره بكل تقدير.
ذكرى ميلاد مصطفى متولي وبداياته الفنية
وُلد الفنان مصطفى متولي في 29 أغسطس 1949 بمدينة بيلا بمحافظة كفر الشيخ. منذ طفولته، كان شغوفًا بالفن والتمثيل، ما دفعه للالتحاق بمعهد الفنون المسرحية، ليتخرج منه ويبدأ مشواره الفني مطلع السبعينيات.
كانت انطلاقته مع فيلم “خلي بالك من زوزو” عام 1972، الذي فتح له باب السينما، قبل أن يشارك في عشرات الأعمال التي صنعت له مكانة مميزة وسط جيله. وبفضل ملامحه القوية وحضوره اللافت، لفت الأنظار سريعًا، وبدأ يفرض نفسه على الساحة الفنية.
مصطفى متولي.
مصطفى متولي بين المسرح والسينما والتلفزيون
لم يقتصر عطاء مصطفى متولي على شاشة السينما فقط، بل كان حاضرًا بقوة على خشبة المسرح والتلفزيون، على المسرح، ارتبط اسمه ارتباطًا وثيقًا بالنجم الكبير عادل إمام، حيث شاركه في عدد من أنجح المسرحيات مثل “الواد سيد الشغال” و”الزعيم” و”بودي جارد”.
أما في التلفزيون، فقدّم أدوارًا تركت أثرًا كبيرًا مثل مشاركته في مسلسل “لن أعيش في جلباب أبي”، رغم أن دوره كان بسيطًا نسبيًا لكنه ظل محفورًا في ذاكرة الجمهور. كما ظهر في “رأفت الهجان”، “جمهورية زفتى”، “أنا وأنت وبابا في المشمش”، و”عمر بن عبد العزيز”.
وفي السينما، تنقل بين أدوار الشر والكوميديا والرومانسية، ومن أبرز أفلامه “سلام يا صاحبي”، “حنفي الأبهة”، “شمس الزناتي”، “الكرنك”، “ضربة شمس”، و”الراقصة والسياسي”.
سر ارتباط مصطفى متولي بعادل إمام
كان هناك دائمًا حديث بين الجمهور عن ارتباط مصطفى متولي بالفنان عادل إمام، خاصة أنه تزوج من شقيقته. البعض اعتقد أن ظهوره المتكرر بجانبه كان بفضل “الواسطة”، لكن الحقيقة أن موهبته الكبيرة وحضوره القوي هما من فرضا اسمه على الجمهور.
وقد أكد كبار النجوم مثل أحمد زكي ونور الشريف أن مصطفى متولي فنان موهوب وصاحب قدرات فنية عالية، نور الشريف وصفه بأنه ممثل عظيم ظلمته الظروف، وأحمد زكي اعتبره فنانًا حقيقيًا يحمل بداخله الكثير من الطاقات الإبداعية.
مصطفى متولي.
شخصية فنية متعددة الجوانب
أحد أبرز ما ميّز مصطفى متولي أنه لم يُحصر في قالب واحد. فقدّم أدوار الشر باقتدار شديد، لكنه أيضًا نجح في تجسيد شخصية الرجل الكوميدي البسيط، والابن المخلص، وأستاذ الجامعة، ووكيل النيابة، وحتى الفلاح البسيط، كان قادرًا على التنقل بين الأدوار بسلاسة، وهو ما جعله يحظى بمكانة خاصة لدى الجمهور.
وربما لم يحصل على بطولة مطلقة، لكنه ترك إرثًا فنيًا ضخمًا يزيد عن 200 عمل خلال 30 عامًا من العمل المتواصل.
مصطفى متولي والصدمة الكبرى في رحيله
رحيل مصطفى متولي في 5 أغسطس 2000 عن عمر 50 عامًا فقط، كان صادمًا للوسط الفني ولجمهوره. فقد توفي بشكل مفاجئ بعد عرض مسرحية “بودي جارد” مع عادل إمام.
ويروي المنتج عصام إمام أنه في آخر يوم بحياته، زار زملاءه محمود الجندي وعلاء ولي الدين، وكأنه كان يودعهم. وبعد العرض المسرحي، قضى وقتًا مع أصدقائه ثم عاد إلى بيته، ليرحل بهدوء في فجر اليوم التالي.
كان خبر وفاته بمثابة صدمة كبيرة، حيث فقد الوسط الفني واحدًا من أكثر الممثلين موهبة وحضورًا.
مصطفى متولي.
أبرز أدواره الخالدة
من بين أدواره التي لا تزال عالقة في الأذهان:
شخصية الرجل البسيط في فيلم “عنتر شايل سيفه” التي جسد فيها الطيبة بصدق.
دور الشرير في فيلم “سلام يا صاحبي” الذي جمعه بعادل إمام وسعيد صالح.
حضوره القوي في “الكرنك” و”الراقصة والسياسي” و”ضربة شمس”.
أدواره المميزة في المسلسلات التاريخية مثل “هارون الرشيد” و”عمر بن عبد العزيز”.
إرث مصطفى متولي الفني
رغم رحيله المبكر، إلا أن مصطفى متولي ترك وراءه إرثًا فنيًا ثريًا. كان صورة صادقة للرجل المصري العادي الذي يشبه الناس في الشارع والحي، أدواره عكست تنوع الشخصية المصرية، من الباشا إلى الفلاح، ومن الأستاذ الجامعي إلى رجل العصابات.
ورغم أنه لم يُقيّم بشكل عادل في حياته، إلا أن جمهوره يظل يتذكره حتى اليوم بكل تقدير وحب.
تظل ذكرى مصطفى متولي حية في قلوب محبيه، حيث يُعتبر رمزًا للفن الأصيل الذي يعكس الواقع المصري بكل تفاصيله.
إن مشواره الفني يعكس التزامه وإخلاصه للفن، مما يجعله مثالًا يحتذى به للأجيال القادمة.
نرشح لك: رسالة مؤثرة من زوجة سامح حسين بعد أزمته الصحية: «اللهم اشفه شفاءً لا يغادر سقمًا»