قال الخبير الاقتصادي أبو بكر الديب لـ«بلد نيوز» إن دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال قمة حلف الناتو، لرفع الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي للدول الأعضاء، تمثل تحولاً جوهرياً في أولويات الحلف، وتحمل في طياتها تداعيات اقتصادية واجتماعية عميقة على اقتصادات الدول الأعضاء، لا سيما في ظل التباطؤ الاقتصادي العالمي وارتفاع مستويات الدين العام.
زيادة الإنفاق الدفاعي تضع الدول الأوروبية أمام خيار صعب
وأوضح الديب أن زيادة الإنفاق الدفاعي بهذا الشكل قد تضع الدول الأوروبية، التي تكافح للحفاظ على توازناتها المالية، أمام خيار صعب، يتمثل في خفض مخصصات قطاعات حيوية مثل التعليم والصحة والبنية التحتية، مما قد يؤدي إلى تراجع جودة الخدمات العامة وارتفاع مستويات الاحتقان الاجتماعي والسياسي.
وأضاف: “رفع الإنفاق العسكري لا يعني بالضرورة تحقيق نمو اقتصادي، بل قد يؤدي إلى إعادة توجيه الموارد من استثمارات إنتاجية عالية العائد إلى قطاعات أقل مردودية من الناحية الاقتصادية، ما يُفقد الاقتصادات الغربية فرصاً تنموية مهمة”
يكبد الاتحاد الأوروبي أكثر من 600 مليار يورو إضافية سنوياً
وأشار الديب إلى أن تنفيذ المقترح الأميركي قد يُكبّد الاتحاد الأوروبي وحده أكثر من 600 مليار يورو إضافية سنوياً، وهو رقم يتجاوز في حجمه الاستثمارات السنوية المخصصة لمكافحة التغير المناخي أو تمويل الخدمات الاجتماعية الأساسية في أغلب دول الاتحاد.
وفي الوقت ذاته، لفت إلى أن بعض الدول قد ترى في هذه الدعوة فرصة لتعزيز صناعاتها الدفاعية وخلق وظائف جديدة، لكنها ستحتاج إلى قدرات صناعية متقدمة وخطط تمويل دقيقة لتفادي تفاقم العجز المالي.
من جهته، أكد الأمين العام لحلف الناتو، مارك روتا، أن بعض الدول يمكن أن تصل إلى هذا الهدف بشكل تدريجي بحلول عام 2035، مع إمكانية منح استثناءات مؤقتة لدول تعاني من قيود مالية، مثل إسبانيا، مشدداً على أن الحلف سيعيد تقييم الوضع بشكل دوري لضمان الحفاظ على التوازن بين الأمن القومي والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للدول الأعضاء.
واختتم الديب تصريحه بالتأكيد على أن هذا المقترح يضع حلف الناتو أمام مفترق طرق، بين الاستجابة لمتطلبات أمنية متزايدة من جهة، والحفاظ على التوازنات الاقتصادية والاجتماعية من جهة أخرى، في وقت عالمي بالغ الحساسية.
من المهم أن تكون هناك دراسات دقيقة لتقييم تأثير هذه السياسات على التنمية المستدامة في الدول الأعضاء. يجب أن يتعاون الحلف مع الدول الأعضاء لتحديد أولويات الإنفاق بطريقة توازن بين الأمن والنمو الاقتصادي.
التحديات التي تواجه الدول الأوروبية تتطلب استراتيجيات مبتكرة تضمن عدم التضحية بالقطاعات الحيوية لصالح الإنفاق الدفاعي، مما قد يؤدي إلى آثار سلبية على المدى الطويل.