ذكرى وفاة أمينة رزق: حكاية الفنانة التي رفضت الزواج وكرّست حياتها للفن

تحل اليوم الأحد 24 أغسطس ذكرى وفاة أمينة رزق، الفنانة القديرة التي رحلت عن عالمنا عام 2003 بعد مسيرة فنية امتدت لما يقرب من سبعة عقود، قدمت خلالها أدوارًا خالدة على خشبة المسرح وشاشة السينما والتلفزيون.

ورغم مرور 22 عامًا على رحيلها، إلا أن اسمها ما زال حاضرًا في ذاكرة الجمهور المصري والعربي، باعتبارها واحدة من أبرز الفنانات اللاتي تركن بصمة لا تُمحى في تاريخ الفن.

ذكرى وفاة أمينة رزق واستعادة البدايات

ولدت أمينة رزق يوم 15 أبريل عام 1910 في مدينة طنطا، المدينة التي اشتهرت بتراثها الشعبي ومولد السيد البدوي، حيث شكلت أجواء الاحتفالات الشعبية والفلكلور المبكر حالة وجدانية أثرت في طفولتها.

بعد وفاة والدها، انتقلت الصغيرة إلى القاهرة مع والدتها وخالتها الفنانة أمينة محمد، والتي كانت سببًا مباشرًا في دخولها إلى عالم الفن، حيث أخذتها معها إلى المسرح.

انطلقت بداياتها من خشبة المسرح مبكرًا للغاية، فانضمت إلى فرقة “رمسيس” التي أسسها يوسف وهبي، ووجدت في الوقوف أمام الجمهور متعتها الحقيقية، ومع مرور السنوات، ارتبط اسمها باسم يوسف وهبي الذي أصبح أستاذها ومُلهمها الفني.

أمينة رزق.

سيدة المسرح بلا منازع

في ذكرى وفاة أمينة رزق، يتذكر الجمهور كيف ارتبطت صورتها بالمسرح بشكل خاص، لم يكن مجرد محطة في مشوارها، بل أصبح حياتها كلها، وقدمت على خشبة المسرح أكثر من 130 عرضًا، وظلت محافظة على وفائها له حتى سنواتها الأخيرة.

نالَت لقب “راهبة المسرح” أو “سيدة المسرح” عن جدارة، إذ عاشت له وكرست عمرها لأدواره ورسائله، ورفضت الابتعاد عنه رغم تقدمها في السن ومعاناتها الصحية، ظلت تؤدي أدوار الأم والمكافحة والخادمة والأرملة، لتبرع في تقديم صورة المرأة المصرية البسيطة في قالب فني راقٍ.

من أبرز أعمالها المسرحية: الملك لير، رجل في القفص، السنيورة الجميلة، بنت الهوى، المحروسة

نجاح سينمائي رغم عشق المسرح

ورغم أن المسرح كان عشقها الأول، فإن السينما لم تُحرم من حضورها القوي، فقد قدمت أمينة رزق ما يقرب من 200 فيلم، بداية من فيلم “زينب” عام 1930، وصولًا إلى أعمالها التي تنوعت بين الدراما والتاريخ والواقعية.

غالبًا ما ارتبط اسمها بدور “الأم”، الذي برعت فيه حتى أن الجمهور كان يظن أنها لا تعرف سواه، لكنها أثبتت في مسيرتها قدرتها على التنوع، ومن أشهر أفلامها: دعاء الكروان، بداية ونهاية، الرسالة، إسلاماه، أين عمري، الشموع السوداء

هذا التوازن بين المسرح والسينما جعلها واحدة من أكثر الفنانات شمولًا، قادرة على إرضاء جمهور الخشبة ورواد الشاشة الكبيرة في آن واحد.

أمينة رزق.

مسيرة إنسانية وحياة خاصة

في ذكرى وفاة أمينة رزق، يعود الحديث عن حياتها الشخصية التي لم تكن عادية، فقد رفضت الزواج طوال حياتها، مفضلة أن تكرس وقتها للفن، وهو ما جعلها استثناء بين بنات جيلها، ارتبط اسمها كثيرًا بيوسف وهبي، حيث أشيع أنها أحبته بصمت، لكنها لم تعلن ذلك يومًا، بل ظلت تعتبره أستاذها ورفيق رحلتها الفنية.

عرفت بمواقفها الإنسانية، حيث دعمت المواهب الشابة وساعدت أبناء جيلها، وكانت حريصة على أن تكون قدوة في الالتزام داخل الوسط الفني، وكان لها نشاط اجتماعي وخيري بارز، جعلها قريبة من قلوب البسطاء.

كما كانت أول فنانة يتم تعيينها عضوًا في مجلس الشورى عام 1991، وهو تكريم سياسي واجتماعي عكس مكانتها لدى الدولة والمجتمع.

أبرز محطاتها التلفزيونية

لم يخلُ التلفزيون هو الآخر من بصمة أمينة رزق، فقدمت عددًا من الأعمال الدرامية المهمة، مثل: ليلة القبض على فاطمة، أوبرا عايدة، للعدالة وجوه كثيرة، عصفور النار، وقال البحر، أدهم وزينات والـ 3 بنات

واستطاعت أن تقدم أدوارًا متنوعة، بين الجادة والكوميدية وحتى التاريخية، مثبتة قدرتها على التطوير والتجديد في الأداء رغم تقدمها في العمر.

أمينة رزق.

تكريمات وإرث خالد

على مدار مشوارها، حصلت أمينة رزق على جوائز وشهادات تقدير عديدة عن أدوارها في المسرح والسينما، كانت هذه الجوائز بمثابة تتويج لمسيرة طويلة من العطاء والانضباط الفني، جعلتها نموذجًا يُحتذى به للفنانة المخلصة لفنها.

ظلّت حتى آخر أيامها رمزًا للالتزام الفني والاحترام، وقدوة للأجيال اللاحقة التي استلهمت من رحلتها معنى التفاني في العمل.

رحيل أمينة رزق وذكرى باقية

رحلت أمينة رزق في 24 أغسطس 2003 عن عمر ناهز 93 عامًا بعد صراع مع المرض، وشُيع جثمانها في جنازة مهيبة حضرها عدد كبير من الفنانين والجمهور، تعبيرًا عن تقديرهم لمسيرتها وما قدمته من فن خالد.

تظل أمينة رزق رمزًا للفن الراقي، حيث أن أعمالها لا تزال تُعرض وتؤثر في الأجيال الجديدة. إن مسيرتها الفنية تذكرنا بأهمية الالتزام والشغف في العمل.

في كل ذكرى لها، نتذكر كيف كانت قادرة على جعل كل شخصية تعيش في ذاكرة المشاهد، تاركة أثرًا لا يمحى في قلوب محبيها.

نرشح لك: ذكرى ميلاد عبد السلام النابلسي.. رفيق فريد الأطرش وعبد الحليم الذي واجه أكبر خسارة في حياته
وفاة الفنان بهاء الخطيب المفاجئة تهز الوسط الفني المصري بعد سقوطه خلال لعب كرة القدم.. القصة كاملة