كارثة الديون.. «خبيرة استراتيچية»: مصر تواجه زيادة غير متوقعة في خدمة الدين الخارجي ويجب التوقف عن سياسة «الترقيع»
تقرير: سمر أبو الدهب
أفادت سالي صلاح، الخبيرة في التخطيط الاستراتيجي، في منشور عبر صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أن ملف الديون الخارجية لمصر يشهد “كارثة جديدة” نتيجة تصاعد خدمة الدين بشكل غير متوقع، موضحة أن الأرقام التي أعلنها البنك المركزي في تقريره الأخير عن الوضع الخارجي لشهر أغسطس 2025 تثير الصدمة والقلق، مشيرة إلى أن الزيادات المتتالية في خدمة الدين تثبت أن بيع الأصول والاقتراض لا يحلان الأزمة، بل يزيدان من تعقيدها.
أرقام صادمة وتعديل في التقديرات
وأشارت إلى أن إعلان البنك المركزي عن تعديل تقديراته لخدمة الدين الخارجي لعام 2025 بزيادة مفاجئة تبلغ حوالي 2.5 مليار دولار يعد أزمة كبرى، فبعد أن كانت التقديرات السابقة تشير إلى أن إجمالي خدمة الدين سيصل إلى 22.46 مليار دولار، أظهر التقرير الأخير أن الرقم الحقيقي هو 25.03 مليار دولار، مشيرة إلى أن هذه الزيادة المفاجئة، التي بررها البنك المركزي بـ “تعديل التقديرات”، تثير تساؤلات حول فعالية خطة الحكومة المعلنة لخفض الدين العام، خاصة مع استمرار بيع الأصول والأراضي.
خدمة الدين أعباء متزايدة ومال ساخن
وأوضحت صلاح، أن الزيادة في خدمة الدين تعود بشكل أساسي إلى الأعباء المتزايدة لفوائد القروض، وتؤكد أن السياسات الحالية تقوم على تمويل العجز المستقبلي بعجز جديد، مع الاعتماد بشكل كبير على ما يسمى بـ “المال الساخن”، مؤكدة أن هذا المال، الذي يأتي عبر أذون الخزانة بفوائد مرتفعة، يعد حلًا مؤقتًا، حيث يغادر المستثمرون بعد الحصول على أرباحهم، تاركين وراءهم عبئًا أكبر من الديون.
نرشح لك: خبير مصرفي لـ«بلد نيوز»: «تمديد ولاية محافظ البنك المركزي يُكمل مسيرة الإصلاحات النقدية»
وكمثال على ذلك، أشارت إلى أن الحكومة باعت أذون خزانة بفوائد وصلت إلى 31.5%، مما يؤكد مدى الحاجة الملحة إلى هذه الأموال رغم التكلفة الباهظة لها.
وتتوقع الخبيرة الاستراتيجية، أن الوضع سيزداد سوءًا في عام 2026، حيث تشير التقديرات إلى أن خدمة الدين ستصل إلى نحو 26 مليار دولار، موضحة أن هذه التقديرات أعلى بمليار و340 مليون دولار من التقديرات السابقة، مما يعني أن أعباء الديون مستمرة في التزايد.
وتابعت أن الفوائد وحدها تبلغ حوالي 4.87 مليار دولار سنويًا، وهو مبلغ ضخم يفوق إيرادات بيع أصول مهمة، وأن التدفقات المالية من بيع الأصول، مثل ما ورد عن بيع أصول لقطر والكويت بقيمة 6 مليارات دولار، يذهب جزء كبير منها مباشرة لتغطية هذه الفوائد، مما يعني أن هذه الأموال لا تُستخدم في مشاريع تنموية أو إصلاحات هيكلية.
اقرأ أيضًا:ارتفاع الصادرات المصرية إلى الدنمارك بنسبة 48.2%
بيع الأصول لا يحل الأزمة
وقدمت سالي صلاح، تحليلًا استراتيجيًا للوضع، مؤكدة أن مبيعات الأصول لا تساهم في حل الأزمة، بل على العكس، يزيد الدين معها، مشيرة إلى أن الاعتماد على المال الساخن هو حل قصير المدى ويزيد من الديون في المستقبل.
ووصفت الوضع بـ “حلقة مفرغة” من بيع الأصول والاقتراض المتزايد وخدمة الدين المتضخمة، بسبب غياب خطة حقيقية لخفض الدين.
واختتمت صلاح، منشورها، بالدعوة إلى التوقف عن سياسة “الترقيع” بالبيع والاستدانة، مطالبة بضرورة إطلاق إصلاح هيكلي حقيقي والاستثمار في مشاريع إنتاجية، مؤكدة أن مصر بحاجة إلى إعادة صياغة حاضرها لتمتلك مستقبلها، وليس بيع مستقبلها لتسديد حاضرها.
في الختام، يجب أن نكون مدركين أن الاستمرار في هذه السياسات لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية، مما يستدعي التحرك الفوري نحو حلول مستدامة. يتطلب الأمر رؤية واضحة وخطة شاملة للنهوض بالاقتصاد المصري وتحقيق الاستقرار المالي.
إن تعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة الديون سيكون له تأثير إيجابي على ثقة المستثمرين، مما يساعد على جذب الاستثمارات الضرورية لدعم النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة.