تشهد الاقتصادات الآسيوية خلال 2025 تباينًا ملحوظًا في سياساتها النقدية، بين دول تتجه للتيسير عبر خفض الفائدة لدعم النمو مثل الصين والهند وإندونيسيا، وأخرى تميل للحذر أو التشديد المحدود مثل اليابان وكوريا الجنوبية. هذا التنوع يعكس اختلاف الأولويات بين تحفيز الاقتصاد المحلي ومواجهة التضخم أو حماية استقرار العملة.
مشهد متباين في آسيا
الصين تحاول موازنة دعم قطاعي العقارات والتصنيف مع حماية اليوان.
الهند خفّضت الفائدة لكنها تبنّت لاحقًا موقفًا محايدًا خشية التضخم المستورد.
اليابان أبقت الفائدة منخفضة، مع احتمال رفعها إذا استمرت الضغوط السعرية.
كوريا الجنوبية تميل إلى الحذر بسبب ديون الأسر وتباطؤ الصادرات.
دول جنوب شرق آسيا، مثل إندونيسيا وماليزيا، دخلت بوضوح مسار التيسير لتعزيز النمو.
كيف ينعكس ذلك على المنطقة العربية؟
رغم أن قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأميركي تبقى المؤثر المباشر على البنوك المركزية العربية، فإن آسيا بدأت تشق طريقها نحو التأثير غير المباشر عبر قنوات الطاقة، التجارة، التحويلات، والاستثمار.
- الخليج: تستفيد من خفض الفائدة في الصين والهند الذي يزيد الطلب الصناعي على النفط والغاز، ما يعزز الصادرات والإيرادات.
- مصر والمغرب وتونس: تواجه تحديات تضخمية عندما ترتفع كلفة الإنتاج في آسيا وتنتقل عبر الواردات إلى الأسواق المحلية.
- الاستثمار والتمويل: الفائدة المنخفضة في اليابان وكوريا تدفع الصناديق السيادية للبحث عن عوائد أعلى، وهو ما يفتح شهية المستثمرين تجاه السندات والأسواق العربية.
- التحويلات: سياسات الهند النقدية قد تؤثر على حجم تحويلات العمالة الهندية في الخليج، ما ينعكس على مستويات السيولة والإنفاق الاستهلاكي في المنطقة.
الرابحون والخاسرون
الرابحون:
- دول الخليج المصدّرة للطاقة.
- الحكومات الباحثة عن تمويل منخفض الكلفة عبر السندات الدولية.
- الشركات العربية المستفيدة من عقود طويلة الأمد مع شركاء آسيويين.
الخاسرون:
- الاقتصادات المستوردة المعتمدة على السلع الآسيوية (مصر، تونس، الأردن).
- البنوك التي قد تواجه ضغوطًا إذا تحولت الاستثمارات العالمية نحو آسيا.
التوقعات حتى نهاية 2025
- الصين: خفض محدود للفائدة مرجّح إذا استمرت الضغوط الانكماشية.
- الهند: الإبقاء على السياسة الحالية مع احتمال خفض بسيط إذا تراجع التضخم.
- اليابان: احتمال رفع الفائدة تدريجيًا إلى 0.75% أو 1% إذا توسعت قاعدة التضخم.
- كوريا الجنوبية: خفض إضافي محتمل إذا استمر ضعف الطلب الخارجي.
المواطن العربي.. تأثير غير مباشر لكنه محسوس
قد لا يتابع المواطن العربي بيانات بنك الشعب الصيني أو بنك اليابان، لكن أثرها يلامس حياته اليومية:
- انخفاض الفائدة في آسيا قد يُرخص أسعار الإلكترونيات والملابس المستوردة.
- ارتفاعها قد يرفع كلفة السلع النهائية، ويؤدي إلى ضغوط على فاتورة المعيشة.
- حتى السياحة تتأثر: ضعف العملات الآسيوية يجعلها وجهة أرخص للسائح العربي.
الاقتصادات العربية تقف اليوم أمام واقع جديد، حيث لم تعد أسواق آسيا مجرد شريك تجاري، بل أصبحت لاعبًا مؤثرًا في استقرار الأسعار والتدفقات المالية.
ومع استمرار التباين في السياسات النقدية الآسيوية حتى نهاية 2025، يبقى الرابح الأكبر هو من يحسن استثمار هذا التغير في تعزيز صادراته وجذب الاستثمارات، فيما يظل المستوردون الأكثر عرضة للمخاطر التضخمية.
تتطلب هذه التحولات استجابة فعّالة من الحكومات العربية لتعزيز القدرة التنافسية ودعم القطاعات الحيوية في الاقتصاد.
في ظل هذه الظروف، قد يكون التعاون بين الدول العربية وآسيا مفتاحًا لتحقيق النمو المستدام وتجاوز التحديات الاقتصادية.