بعد صيام عامين.. لماذا انتظر محمد صلاح 665 يوما لدعم فلسطين؟

منذ اندلاع حرب الإبادة في غزة قبل نحو 22 شهرا، التزم النجم المصري محمد صلاح، لاعب ليفربول الإنجليزي، الصمت حيال ما يجري، مكتفيا ببيانات إنسانية عامة عن ضرورة إدخال المساعدات. هذا الموقف الحذر كان مثار جدل وانتقاد بين جماهير عربية وفلسطينية، رأت أن أحد أشهر اللاعبين المسلمين في العالم يملك القدرة على كسر الصمت العالمي لكنه فضّل الابتعاد.

تغريدة واحدة تهز الإعلام الإنجليزي

ومع نعي الاتحاد الأوروبي لكرة القدم “يويفا” للاعب الفلسطيني سليمان العبيد، الملقب بـ”بيليه”، دون ذكر ظروف استشهاده في غارة إسرائيلية، قرر صلاح كسر صمته.

فقد أعاد نشر بيان “يويفا” مرفقاً بتعليق مقتضب: “هل يمكن أن تخبرونا كيف مات؟ وأين؟ ولماذا؟”، ليشعل بذلك عاصفة تفاعل تخطت 60 مليون مشاهدة خلال ساعات.

رسالة صلاح القصيرة اعتبرها ناشطون “سلاحاً رمزياً”، لأنها وضعت الإعلام البريطاني والأوروبي في مواجهة مباشرة مع سؤال الحقيقة: كيف يموت رياضي في غزة بينما لا يجرؤ الاتحاد القاري على ذكر كلمة “إسرائيل”؟

665 يوما من الانتظار.. لماذا الآن؟

طرح كثيرون السؤال الأبرز: لماذا صمت صلاح 665 يوماً قبل أن يتحدث بوضوح؟

البعض رأى أن اللاعب التزم الصمت خشية خسارة شعبيته في أوروبا أو التعرض لحملات إعلامية منظمة، خاصة أن صلاح يعتبر “واجهة” لليفربول والبريميرليج أمام جماهير عالمية، لكن آخرين اعتبروا أن اللحظة السياسية في بريطانيا تغيّرت، ومعها تغيّر حساب صلاح.

السياسة البريطانية قلبت الطاولة

خلال الأشهر الماضية، شهدت بريطانيا تحولات لافتة في الموقف السياسي والإعلامي تجاه حرب غزة، خصوصاً بعد ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين واتهام إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة.

حتى داخل البرلمان البريطاني، تزايدت الأصوات المطالبة بمحاسبة الحكومة الإسرائيلية، ما فتح مساحة أوسع للنقاش العلني حول الانتهاكات.

في هذا السياق، جاء موقف محمد صلاح متماشياً مع التغيّر في المزاج البريطاني، حيث لم يعد الحديث عن غزة محرماً أو محاطاً بالمخاطر ذاتها التي كانت قبل عامين.

بين الضغط الجماهيري وقلق الصورة

اللاعب المصري، الذي يحرص عادة على الحفاظ على صورته كنجم كروي بعيد عن السياسة، وجد نفسه هذه المرة أمام موقف لا يحتمل التجاهل، خاصة مع تجاهل “يويفا” الفج لظروف استشهاد لاعب فلسطيني.

الجماهير العربية بدورها ترى أن هذه الخطوة، رغم تأخرها، تحمل وزناً معنوياً هائلاً لأنها تفتح نافذة للرأي العام الغربي على مأساة رياضيين استشهدوا في غزة.

ما بعد التغريدة.. اختبار جديد لصلاح

بعد هذه الضجة، يواجه محمد صلاح اختباراً جديداً: هل يستمر في تسليط الضوء على معاناة الفلسطينيين أم يكتفي بتغريدة واحدة؟

الكثيرون يعتبرون أن ما فعله النجم المصري رسالة تضامن مهمة لكنها ليست النهاية، بل بداية لمسار قد يحدد علاقته بالجماهير العربية ومستقبله كصوت رياضي عالمي قادر على كسر جدار الصمت.

تتزايد التوقعات حول الخطوات المقبلة لمحمد صلاح، خاصة في ظل الدعم المتزايد من الجماهير العربية والفلسطينية. هل سيستمر في استخدام منصته للتعبير عن قضايا إنسانية أم سيعود إلى التركيز على مسيرته الرياضية فقط؟

التحديات التي تواجهه ليست سهلة، لكن الكثيرين يأملون أن يكون له دور أكبر في تسليط الضوء على القضايا الإنسانية، مما قد يعزز من مكانته كأيقونة ليس فقط في كرة القدم ولكن في عالم الإنسانية أيضاً.