عيد ميلاد نجاة الصغيرة الـ86.. سيدة الغناء التي أسر صوتها القلوب رغم الغياب

يوافق اليوم 11 أغسطس عيد ميلاد نجاة الصغيرة الـ86، حيث وُلدت المطربة الكبيرة عام 1938 في القاهرة، وما زالت رغم غيابها عن الساحة الفنية منذ سنوات طويلة، تحظى بمكانة خاصة في قلوب عشاق الطرب العربي الأصيل.

صوتها المليء بالشجن، وأسلوبها الفريد في الأداء، وذكرياتها الفنية الغنية، جعلوا منها واحدة من أهم رموز الغناء الكلاسيكي في العالم العربي.

عيد ميلاد نجاة الصغيرة الـ86.. بداية الحكاية

وُلدت نجاة الصغيرة لأسرة فنية، فوالدها هو الخطاط السوري المعروف محمد كمال حسني البابا، الذي استقر في مصر وتزوج من والدتها المصرية.

لاحظ والدها منذ طفولتها جمال صوتها، فدعمها واصطحبها إلى المسارح ومتعهدي الحفلات، وفي سن السادسة، وقفت لأول مرة على خشبة المسرح في حفل نظمته وزارة المعارف عام 1944.

في عام 1947، شاركت وهي في الثامنة من عمرها في أول أعمالها السينمائية بعنوان هدية، لعب شقيقها عز الدين دورًا مهمًا في تدريبها على حفظ وأداء أغاني أم كلثوم، وهو ما جعلها في سن صغيرة جدًا قادرة على لفت الأنظار بموهبتها، ولأن الساحة كانت تضم حينها المطربة نجاة علي، أطلق عليها لقب “نجاة الصغيرة” لتمييزها.

نجاة الصغيرة.

العلاقة الملتبسة مع سعاد حسني

نجاة الصغيرة هي شقيقة الفنانة سعاد حسني، لكن الغريب أن الجمهور لم يشاهد لهما أي عمل فني مشترك أو حتى ظهور إعلامي معًا. في عام 1968، صرحت نجاة بأنها كانت تفكر في فيلم يجمعهما، تجسد فيه دور مطربة تسعى لإسعاد شقيقتها، لكن المشروع لم يكتمل.

رغم تصريحات سعاد الإيجابية عنها، إلا أن نجاة كانت تفضل الصمت، ما فتح باب الشائعات حول وجود توتر أو غيرة فنية، خاصة بعد تداول أخبار عن إبعادها بعض الشعراء والملحنين عن التعاون مع السندريلا، كما أثار الجدل غناءها في حفل فني بعد فترة قصيرة من وفاة سعاد، رغم اعتزالها الطويل.

صدمات مع كبار الملحنين

مسيرة نجاة لم تخلُ من الأزمات الفنية، خاصة في بداياتها، فقد كانت أغنية أروح لمين محفوظة لها بتدريب من رياض السنباطي، لكنها انتقلت إلى أم كلثوم، كما خسرَت أغنية كل ده كان ليه التي كتبها مأمون الشناوي من أجلها، بعدما غناها محمد عبد الوهاب بنفسه.

الخلاف الأكبر جاء مع قصيدة أيظن للشاعر نزار قباني، التي كانت مخصصة لها، لكن عبد الوهاب غناها أولًا. تدخل قباني وأكد أن القصيدة لها وحدها، فغنتها بصوتها لتصبح من أشهر أعمالها.

نجاة الصغيرة.

اتهامات وسجالات على الأغنيات

اتهمتها ليلى مراد بسرقة أغنية ليه خليتني أحبك، لكن نجاة نفت ذلك موضحة أن الإذاعة فضلت نسختها على نسخة مراد، كما رفع المطرب محرم فؤاد دعوى ضدها بسبب أدائها أغنية حنان، وربح القضية وعاد حق الأغنية إليه.

“لا تكذبي” وأزمة فنية مع عبد الوهاب وعبد الحليم

قصيدة لا تكذبي التي كتبها كامل الشناوي متأثرًا بعلاقة شخصية مع نجاة، ولحنها عبد الوهاب، كانت من أهم محطات حياتها، عبد الوهاب اشترط ألا تؤديها في حفلات عامة، لكنها غنتها في دار سينما قصر النيل عام 1962، ما أغضبه، بعدها غناها عبد الحليم حافظ، الأمر الذي اعتبرته نجاة تعديًا على أغنيتها، لتبدأ أزمة بينهما استمرت سنوات.

نجاة الصغيرة.

اعتزال طويل وغياب عن الأضواء

رغم هذه المسيرة المليئة بالنجاحات والصراعات، اختارت نجاة الصغيرة الابتعاد عن الأضواء منذ أكثر من عقدين، نادرًا ما تظهر في وسائل الإعلام أو المناسبات العامة، ومع ذلك، بقيت أعمالها حاضرة في ذاكرة الأجيال، تُستمع إليها في البيوت والمقاهي والحفلات حتى اليوم.

إرث فني خالد

نجاة الصغيرة قدمت عشرات الأغاني التي أصبحت من علامات الطرب العربي، منها ساعة زمن، أما براوة، أنا بستناك، وأسهر وأنتهى، امتازت باختيار كلمات راقية وألحان متقنة، وصوت قادر على المزج بين القوة والحنان، ما جعلها فنانة استثنائية في عصرها.

نجاة الصغيرة.

نرشح لك: ذكرى ميلاد عبد الحليم حافظ ووفاة سعاد حسني.. حب غامض وعلاقة مثيرة للجدل حتى بعد الموت

ذكرى ميلاد مصطفى فهمي الأولى.. من أرستقراطية السياسة إلى أضواء الفن وزيجات مثيرة.

تظل نجاة الصغيرة رمزاً من رموز الغناء العربي، حيث لا يزال تأثيرها ينعكس في أعمال العديد من الفنانين الجدد الذين يستلهمون من أسلوبها الفريد.

إنجازاتها الفنية تذكرنا بأهمية الحفاظ على التراث الفني العربي، الذي يمثل جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية للعالم العربي.