مستشار الأحياء الأسبق: التعليم الجيد طريق معروف.. لكن لا نريد السير فيه

مستشار الأحياء الأسبق: التعليم الجيد طريق معروف.. لكن لا نريد السير فيه

أكد الدكتور حسن محرم، مستشار مادة الأحياء الأسبق بـ وزارة التربية والتعليم، ومقدم المادة بقناة “مدرستنا”، أن ما يشهده قطاع التعليم في مصر هو فعل مقصود لإهدار ثروة عقلية هائلة تمثلها ملايين العقول من الطلاب المصريين، كان من الممكن أن يخرج من بينهم آلاف العلماء والمفكرين.

من ستراسبورغ إلى شبرا.. درسان في عالمين مختلفين

وقال محرم في تدوينة له عبر وسائل التواصل الاجتماعي: “بعد تجربة تعليمية عشتها في فرنسا عام 1992، أدركت حجم المأساة التي نعيشها، كنت أدرس في إحدى مدارس ستراسبورغ، حيث يبدأ اليوم الدراسي من الثامنة صباحًا بحصص عملية في الفيزياء والكيمياء والأحياء، ثم حصص نظرية بعد الظهر، كان الطالب هناك يرى قبل أن يسمع، يلاحظ ويستنتج قبل أن يتلقى المعلومة، أما نحن فلا نرى ولا نسمع.. بل نحفظ نظريات في فراغ”

وأشار إلى درس لا ينساه في تشريح العين، حيث بدأ الطلاب بتشريح عين بقرة عمليًا، ثم تلاه الدرس النظري بعد يومين، قائلًا: “حينها كان للشرح معنى؛ لأنه أصبح تفسيرًا لما رأيناه بأعيننا”، معلقًا: “إنها متعة العلم، ترى ثم تسمع، وليس العكس، وهنا لا نرى ولا نسمع، والمدرس هنا يغني النظريات والقوانين والتجارب”

اقرأ أيضًا: امتحانا التاريخ والفيزياء يثيران الجدل بين طلاب الثانوية العامة 2025.. سهولة هنا وصعوبة هناك

وعن المقارنة، قال محرم: “تذكرت حينها أمين المعمل في مدرستي بشبرا، الذي كان يوقع في دفتر الحضور صباحًا، ثم يغادر ليعمل على تاكسي طوال اليوم، ويعود فقط لتوقيع الانصراف، لا ألومه، فالمرتب لا يكفي لإعالة طفل، فضلًا عن أسرة كاملة”، مضيفًا أن ميزانية المعمل كانت 40 جنيهًا فقط، مطلوب بها شراء أدوات وتجهيزات مع فواتير، بينما كان نظيره في فرنسا يتقاضى ما يعادل 15 ألف جنيه مصري في نفس العام، في حين كان يتقاضى 500 جنيه فقط

وتساءل محرم مستنكرًا:”هل استمعت الوزارة لتلك التجارب؟ هل قررت يومًا أن تتعلم؟ الحقيقة أننا نهوى الكراسي، وندفع رشاوى للجلوس عليها بلا كفاءة ولا مسئولية، لا أحد يهمه ماذا يتعلم الطالب، أو كيف تُدرس الكيمياء والفيزياء والأحياء في مصر،  فقط نريد امتحانًا يعجز المعلم نفسه عن حله، معتبرين ذلك النجاح”

واختتم بقوله: “عفوًا، ما ذكرته ليس سوى نقطة في محيط الفشل الذي نعيش فيه.. فكيف يُصلح التعليم من لا يريد إصلاحه؟”

إن التعليم هو أساس بناء المجتمعات، وإذا لم تتغير السياسات التعليمية، فلن نرى تقدمًا حقيقيًا. يجب أن نعيد النظر في كيفية تطوير المناهج وطرق التدريس لتناسب احتياجات الطلاب وتفتح أمامهم آفاق جديدة.

من الضروري أن يتم إشراك جميع الأطراف المعنية في عملية إصلاح التعليم، بما في ذلك المعلمين والطلاب وأولياء الأمور، فكل منهم له دور في تحسين النظام التعليمي وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

بوست الدكتور حسن محرم عبر “فيسبوك”.