ذكرى وفاة رجاء الجداوي.. رحلة فنية لا تُنسى ووداع مؤثر

ذكرى وفاة رجاء الجداوي.. رحلة فنية لا تُنسى ووداع مؤثر

تحل اليوم ذكرى وفاة رجاء الجداوي، لتعيد إلى الأذهان سيرة واحدة من أكثر الفنانات تأثيرًا ورُقيًا في تاريخ الفن المصري والعربي، فقد مرت خمس سنوات على رحيل الفنانة القديرة، التي لم تكن مجرد وجه جميل على الشاشة، بل كانت مثالًا للثقافة والاحترام والرقي، وجسدت بأعمالها المختلفة صورة المرأة المصرية القوية والراقية في آنٍ واحد.

ذكرى وفاة رجاء الجداوي تعيد الحنين إلى فنانة من طراز خاص

في مثل هذا اليوم، الخامس من يوليو عام 2020، رحلت الفنانة رجاء الجداوي عن عمر يناهز 85 عامًا، بعد صراع مؤلم مع فيروس كورونا استمر 43 يومًا داخل مستشفى العزل بمحافظة الإسماعيلية.

لم يكن خبر وفاتها عاديًا، بل هز قلوب محبيها في مصر والعالم العربي، وأثّر في زملائها داخل الوسط الفني، خاصة بعد أن كانت واحدة من أوائل الفنانين الذين فارقوا الحياة بسبب الوباء.

ورغم صعوبة الفقد، إلا أن ذكراها لا تزال حاضرة بقوة، بفضل ما قدمته من أعمال خالدة، وشخصية محبوبة حافظت على تواضعها وأخلاقها حتى اللحظات الأخيرة.

الفنانة رجاء الجداوي.

من ملكة جمال إلى رمز فني وثقافي

بدأت رجاء الجداوي حياتها بعيدًا تمامًا عن التمثيل، عندما تُوجت بلقب ملكة جمال القطر المصري عام 1958، وعبر بوابة عروض الأزياء، شقّت طريقها بثقة لتصبح أيقونة في عالم الموضة، قبل أن تفرض موهبتها نفسها في السينما والمسرح والتلفزيون.

كانت تمتلك كاريزما لافتة جعلتها محط أنظار المخرجين والمنتجين، لتبدأ رحلتها في التمثيل بفيلم غريبة، ومن بعدها بدأت المشاركة في العديد من الأعمال الفنية، التي أثبتت بها قدرتها على أداء الأدوار المتنوعة سواء الكوميدية أو الاجتماعية أو التراجيدية.

أعمال رجاء الجداوي بين السينما والتلفزيون والمسرح

قدّمت رجاء الجداوي أكثر من 400 عمل فني خلال مشوارها الممتد لأكثر من ستة عقود. ومن أبرز أفلامها: البيه البواب، كركر، تيمور وشفيقة، الثلاثة يشتغلونها، حنفي الأبهة، عصابة حمادة وتوتو، حدوتة مصرية، السلم والثعبان، مراتي وزوجتي، المش مهندس حسن، وغيرها من الأفلام التي تنقلت فيها ببراعة بين الشخصيات المختلفة

وفي عالم الدراما، تألقت في هند والدكتور نعمان، عائلة الحاج متولي، أوان الورد، نونة المأذونة، شربات لوز، سارة، بشرى سارة، هانم بنت باشا، حق مشروع، عوالم خفية، أحلام الفتى الطائر.

أما في المسرح، فقد شاركت في أدب الجواز، نصيحة مخلصة للسيدات، الثعلب في الملعب، التعلب فات، وغيرها من العروض التي أكدت حضورها القوي على خشبة المسرح.

الفنانة رجاء الجداوي.

رحلة حب فريدة وحياة أسرية دافئة

وراء الكاميرا، عاشت رجاء الجداوي قصة حب فريدة مع زوجها حسن مختار، حارس مرمى منتخب مصر والنادي الإسماعيلي، التقت به بالصدفة أثناء عرض مسرحي في السودان، وأعجب بها من اللقاء الأول، وسرعان ما تقدم لخطبتها وتزوجا في أقل من أسبوع.

استمرت زيجتهما لـ46 عامًا حتى وفاة حسن مختار، وظلت رجاء وفيّة له، تتحدث عنه بكل الحب في لقاءاتها، وتذرف الدموع كلما ذُكر اسمه، وكانا قد أنجبا ابنتهما الوحيدة «أميرة».

نشأة مؤثرة وتربية على يد تحية كاريوكا

ولدت رجاء الجداوي بمحافظة الإسماعيلية، وكان اسمها الحقيقي نجاة علي حسن الجداوي، وتنتمي لعائلة فنية، حيث كانت خالتها هي الفنانة تحية كاريوكا، وبعد وفاة والدها، انتقلت للعيش مع خالتها التي تولت تربيتها، وأدخلتها المدارس الأجنبية، قبل أن تعود إلى والدتها بعد سنوات، وتبدأ مشوار الكفاح والعمل لمساعدتها ماديًا.

لم تكن حياة رجاء مفروشة بالورود، فقد عملت في وظائف بسيطة في بدايتها، وساهمت ظروفها في صقل شخصيتها، فأصبحت رمزًا للمرأة المكافحة الراقية.

رحيل مؤلم ووداع صعب في زمن الوباء

جاءت وفاة رجاء الجداوي صدمة كبيرة، ليس فقط لأنها كانت أول فنانة مصرية تفارق الحياة بسبب فيروس كورونا، ولكن لأن مرضها جاء في توقيت حساس كانت فيه البلاد تعيش حالة من القلق والخوف بسبب الوباء.

أصيبت في يونيو 2020، ونُقلت فورًا إلى مستشفى العزل بالإسماعيلية، وخضعت للعلاج المكثف على مدار أكثر من 40 يومًا، ورغم حالتها الصحية، كانت دائمًا محافظة على قوتها، وكانت تبعث برسائل محبة وأمل للجمهور، حتى تدهورت حالتها فجأة، لتُعلن ابنتها “أميرة” نبأ وفاتها صباح الأحد 5 يوليو.

في الذكرى الخامسة.. كلمات من القلب

نشرت أميرة مختار، ابنة رجاء الجداوي، منشورًا مؤثرًا عبر حسابها على “إنستجرام” في الذكرى الخامسة لوفاة والدتها، قالت فيه: “مروا خمس سنين، أتقل منهم مفيش.. الله يرحمك يا أمي ويصبرني على فراقك.. وحشتيني قوي”

كلمات بسيطة لكنها تُلخص كم الفقد الذي تعيشه ابنتها، وكم الحب الذي لا يزال يسكن قلوب الجمهور.

إرث لا يُنسى… وفنانة باقية في الوجدان

لم تكن رجاء الجداوي مجرد فنانة، بل كانت نموذجًا مختلفًا، ووجهًا مشرفًا للفن المصري، وظلت محافظة على رقيها وأسلوبها المهذب حتى آخر لحظة. لم تدخل في صراعات فنية، وكانت دائمًا محل تقدير من الجميع.

رحلت رجاء، لكن أعمالها لا تزال تُعرض، وصورها لا تزال تُتداول، وابتسامتها لا تزال حاضرة، كأنها لم تغب، فهي بالفعل واحدة من القلائل الذين يرحلون بالجسد، ويظلون في القلوب والذاكرة.

تظل ذكراها حية في قلوب محبيها، الذين يتذكرونها دائمًا بأعمالها الجميلة وأخلاقها الرفيعة. لقد تركت بصمة لا تُنسى في عالم الفن، وستبقى دائمًا رمزًا للإبداع والتميز.

في كل ذكرى، نسترجع اللحظات الجميلة التي عشناها مع أعمالها، ونتمنى لو كان بإمكاننا أن نراها مرة أخرى على الشاشة. لكن، تبقى ذكراها مصدر إلهام للجميع.

اقرأ أيضًا: رجاء الجداوي وفؤاد المهندس.. ولدا في نفس اليوم وتعاونا في 4 أعمال
منهم رجاء الجداوي.. نجوم غيبتهم جائحة كورونا
في ذكرى وفاتها.. ماذا قالت رجاء الجداوي قبل أن ترحل عنا