مشروع ترامب «الضخم والجميل».. فوز تشريعي في مجلس الشيوخ يقابله تحذير اقتصادي من كارثة اجتماعية

في خطوة تشريعية كبرى، أقر مجلس الشيوخ الأميركي، اليوم الثلاثاء، مشروع قانون خفض الضرائب والإنفاق بقيمة 3.3 تريليون دولار، المعروف باسم مشروع ترامب المدعوم مباشر من الرئيس دونالد ترامب، بعد جهود مكثفة من الحزب الجمهوري لتوحيد الصفوف داخل الكونغرس.
وجاءت نتيجة التصويت حاسمة: 51 صوتًا مقابل 50، حيث منح نائب الرئيس جيه دي فانس صوته الفاصل في لحظة سياسية فارقة، تمهيدًا لتحويل المشروع إلى مجلس النواب الأميركي للتصويت النهائي خلال الأسبوع الجاري.
تفاصيل مشروع ترامب «قانون خفض الضرائب والإنفاق»
المشروع، المعروف باسم “مشروع القانون الكبير الرائع” (One Big Beautiful Bill)، يتضمن حزمة شاملة من سياسات ترامب الاقتصادية:
• تخفيضات ضريبية بقيمة 4.5 تريليون دولار.
• خفض الإنفاق بقيمة 1.2 تريليون دولار.
• تمديد تخفيضات ضريبية كانت مقررة منذ قانون الضرائب لعام 2017.
• إعفاءات ضريبية جديدة تشمل: الإكراميات، العمل الإضافي، وقروض السيارات.
• زيادة الإنفاق العسكري وتعزيز تمويل وكالات الهجرة.
ويهدف المشروع إلى تعزيز النمو الاقتصادي الأميركي وتحفيز الاستثمار، في وقت تتصاعد فيه المخاوف بشأن عجز الميزانية وارتفاع الدين العام.
انقسامات داخل الحزب الجمهوري بشأن القانون
رغم تمرير القانون في مجلس الشيوخ الأميركي، كشفت عملية التصويت عن انقسامات واضحة داخل الحزب الجمهوري:
• الجناح المحافظ يطالب بمزيد من التخفيضات في الإنفاق، خصوصًا على برامج الرعاية الاجتماعية مثل ميديكيد.
• الجناح المعتدل عبّر عن قلقه من خفض التمويل للمستشفيات وتقييد خصومات الضرائب المحلية والولائية.
• نواب جمهوريون من نيويورك رفضوا البند الذي يرفع حد خصم الضرائب المحلية من 10 آلاف إلى 40 ألف دولار لمدة 5 سنوات فقط.
وأي تعديلات على مشروع القانون في مجلس النواب ستعيده مجددًا إلى مجلس الشيوخ، مما يهدد جدول ترامب الزمني لتوقيع القانون قبل عيد الاستقلال الأميركي في 4 يوليو.
ردود فعل متباينة داخل المجتمع الأميركي
رغم دعم ترامب، إلا أن الرأي العام الأميركي يبدو منقسمًا. وفق استطلاع حديث من مركز بيو للأبحاث:
• 49% من الأميركيين يعارضون القانون.
• 29% فقط يؤيدونه.
• 21% لم يحسموا موقفهم بعد.
ويعكس هذا التباين القلق الشعبي من تأثير مشروع القانون على الطبقة الوسطى والفقراء، وسط اتهامات بأنه يخدم الأثرياء والشركات الكبرى.
مخاوف اقتصادية وتحذيرات من تفاقم العجز
خبراء اقتصاديون، من ضمنهم رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، حذروا من أن القانون سيؤدي إلى زيادة العجز المالي الأميركي:
“المسار المالي للولايات المتحدة غير مستدام. مستوى الدين يمكن تحمله الآن، لكن الاتجاهات مقلقة”، حسب باول.
كما توقّع مكتب الميزانية في الكونغرس أن يؤدي القانون إلى فقدان نحو 11.8 مليون شخص لتغطيتهم الصحية خلال السنوات العشر المقبلة، بسبب شروط العمل الجديدة لميديكيد، وتغييرات في دعم الغذاء والقروض الطلابية.
خبير ضرائب: قانون ترامب “الضخم والجميل” كارثة اجتماعية تُهدد الفئات الأكثر هشاشة
قال الدكتور نبيل عبد الرؤوف، عضو لجنة الضرائب بـجمعية المحاسبين، إن مشروع قانون الضرائب الذي أقرّه الرئيس الأميركي دونالد ترامب يحمل في طياته تداعيات اجتماعية خطيرة، رغم تسويقه إعلاميًا كإنجاز اقتصادي ضخم.
وأضاف عبد الرؤوف، خلال مداخلة على قناة “إكسترا نيوز”، أن القانون يُعرف بين الصحفيين الاقتصاديين في الولايات المتحدة باسم “القانون الاقتصادي – الكارثة الاجتماعية”، نظرًا لما يتضمنه من تخفيضات ضريبية واسعة لصالح الشركات والأثرياء، مقابل تقليص مخصصات التأمين الصحي والدعم الاجتماعي.
وأشار إلى أن ترامب سبق أن طرح قانونًا مشابهًا عام 2017 خلال ولايته الأولى، ويعيد الآن تقديمه مع بعض التعديلات تحت مسمى “القانون الضخم والجميل”، لافتًا إلى أن معظم أعضاء مجلسي النواب والشيوخ من الحزب الجمهوري يؤيدون تمرير القانون انسجامًا مع توجهات الرئيس.
خفض للضرائب على الشركات.. وزيادة الأعباء على الأفراد
وأوضح عبد الرؤوف أن أبرز ما يتضمنه القانون:
- خفض معدل الضريبة على الشركات من 25% إلى 21%.
- تخفيض الضرائب المستقطعة ضمن الحساب الفيدرالي.
- تقديم بعض الامتيازات الضريبية للأطفال وكبار السن وذوي الهمم، لكن مقابل فرض شرط العمل 80 ساعة شهريًا للحصول على هذه الامتيازات.
- عدم إلغاء ضريبة بنسبة 15% مفروضة على كبار السن.
- فرض ضرائب تتراوح بين 10% إلى 37% على الأشخاص الطبيعيين.
- إلغاء عدد من الحوافز والإعفاءات الممنوحة لقطاع الطاقة النظيفة.
تمويل التخفيضات على حساب الفقراء.
وأكد عضو لجنة الضرائب أن تمويل العجز الناتج عن التخفيضات الضريبية يتم من خلال تقليص مخصصات برامج التأمين الصحي والاجتماعي، مما يجعل القانون غير عادل اجتماعيًا، ويُلقي بأعباء إضافية على الفئات الأقل دخلًا، في الوقت الذي يمنح فيه مزايا واضحة للشركات الكبرى.
واختتم عبد الرؤوف تصريحاته مؤكدًا أن القانون قد يُفاقم فجوة العدالة الاجتماعية في الولايات المتحدة، ويشكل عبئًا طويل الأجل على الاقتصاد الأميركي والمجتمع على حد سواء.
المكاسب السياسية لترامب من تمرير القانون
يأمل الرئيس دونالد ترامب أن يشكل تمرير القانون دفعة سياسية قوية له قبيل الانتخابات النصفية المقبلة. ويرى الجمهوريون أن حزمة التخفيضات والإعفاءات الضريبية ستساهم في الحفاظ على الأغلبية في مجلسي الكونغرس.
كما يمنح القانون ترامب فرصة لإعادة تشكيل السياسة المالية الأميركية وفق رؤيته التي ترتكز على:
• خفض الضرائب على الشركات.
• تقليص البرامج الاجتماعية.
• تعزيز القوة العسكرية.
• تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة لصالح الوقود الأحفوري.
رفع سقف الدين العام الأميركي بـ5 تريليونات دولار.
في سياق متصل، يتضمن القانون بندًا برفع سقف الدين العام الأميركي بمقدار 5 تريليونات دولار، تجنبًا لاحتمال تخلّف الحكومة الأميركية عن سداد ديونها بحلول أغسطس.
ينبغي على المواطن الأميركي أن يكون واعيًا لتفاصيل هذا القانون وتأثيراته، حيث أن التغييرات الاقتصادية قد تؤثر بشكل كبير على حياته اليومية.
التحديات المستقبلية تتطلب من المجتمع الأميركي التحلي باليقظة والمشاركة في النقاشات السياسية لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية.